المرجع المُدرّسي

شبكة مزن الثقافية

 بفهم "روح" الزيارة الى الحسين تكبر روح شعبنا ويترسخ الايمان ويتصلب في مواجهة التحديات

قال سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي"دام ظله" : (إننا ولكي نربي في أنفسنا العزم، ونصير اقوياء، ونتحول إلى رجال رجال، مستقيمن على الطريق، نتحدى الشيطان، فأن أحد الطرق الرئيسية التي توصلنا إلى الاستقامة وإلى الصبر والعزم والبطولة، هي زيارة أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه). مشيراً عشية زيارة الاربعين ، إلى أن هذه الزيارات والشعائر يجب أن يكون لها أثر كبير وجدي في حياتنا بإذن الله تعالى ومنّه، فـ(نتبث على التقوى وتعطينا الصبر والاستقامة، وترفع مستوانا لنكون رجال أقوياء في مواجهة التحديات والشهوات وزخارف الدنيا، وأن يصبح عندنا تحول في الضمير وقوة إرادة في العزم، فلا يكفي مجرد أن تقوم بأعمال دون أن يتأثر قلبك بتلك الأعمال فيصبح قلباً قوياً جدياً..).

وتابع سماحته في المحاضرة اللأسبوعية التي يلقيها بمكتبه في مدينة كربلاء المقدسة، بالقول : (الأن أبناء شعبنا تجد حشداً كبيراً منهم في الصحاري، في الطرقات، يمشون إلى كربلاء من البصرة والناصرية والعمارة وبغداد ومن أي منطقة أخرى حينما يتحرك أحدهم ويمشي في هذا الطرق فكل خطوة يخطوها يزيده الله ثواباً ويزيده استقامة وصبراً، وحينما يأتي إلى الحسين فيتسائل لماذا وإلى أين أذهب؟

إلى أبي عبد الله الحسين فهذا مرقد أبو عبد الله ، وماذا فعل في حياته؟

ماذا كانت صفاته؟

والعباس ماذا فعل في حياته؟

وسائر الأصحاب .. فأول شيء يقوله أنهم كانوا شجعان وأبطال، بطولة الجسم والروح، فلماذا لا أصبح مثلهم "فياليتني كنت معكم فأفوز معكم فوزاً عظيماً" الزائر يقول هذا الكلام أليس كذلك؟

وحينما يقول "لبيك داعي الله" تلبية لنداء النصرة من أمامه الحسين في يوم عاشوراء، فهذا يعني أن يرتفع هذا الزائر ويستطيل إلى أن يصل إلى مستوى أصحاب الإمام الحسين عليه السلام بإرادته وبعزمه، بإيمانه بصبره واستقامته، يصل إلى هناك".

 وأوضح سماحته إلى أن: " هذا هو الذي يجعلنا نؤكد نحن كعلماء وكما علمنا ودعانا الأئمة المعصومين عليهم السلام للذهاب إلى زيارة الحسين لأن هذا الإلتفاف حول الحسين سلام الله عليه يعطينا هذا المعنى ".

واضاف سماحته: "نحن ننصح الزائر الذي يأتي من طرق بعيدة أن عليه وهو يأتي ويطوي الأرض طياً ماشياً على قدميه، أو راكباً بوسيلة نقل، أن يطوي في نفس الوقت معارج الكمال بروحه ويسمو ويرتفع بقلبه إلى مقام أصحاب الحسين سلام الله عليه ويتعلم منهم البطولة، فإذا زار أبا الفضل العباس سلام الله عليه فليفكر بمعاني ومفردات زيارته، للعباس ، التي يقرئها وتقول إنه عليه السلام كان من المخبتين، وذا بصيرة في دينه، وأطاع إمامه ودافع عن الحق. فينوي ويقل الزائر أيضاً: أنا أيضاً أريد أن أكون على نهجك.

وكذلك في الزيارات لسائر الأصحاب، فهذه الروح يجب أن تكبر في شعبنا ويجب أن تترسخ قواعد الإيمان في نفسه ويجب أن يتصلب في مواجهة التحديات، وهذا التصلب لا يكون إلا إذا فهمنا روح الزيارة إلى الحسين عليه السلام، والسبب في ذلك أن هناك مؤامرات تحاك حولكم، وتحديات فلا يمكن أن تتحدوها بغير الإيمان بالله وبغير الاستمداد من الدعاة إلى الله كأبي عبد الله الحسين عليه السلام، والزيارة هذا هدفها الرئيسي".

الطاعنين والمشككين في الشعائر الحسينية:

وفي جانب أخر من محاضرته، وحول التشكيكات ومحاولات النيل من الشعائر الحسينية، أشار سماحة المرجع المُدرذسي"دام ظله" إلى أن: (هناك بعض أصحاب النفوس الضعيفة أو الجاهلة أو النفوس المترددة أو التي بها مرض والعياذ بالله، ينتقد الزيارات والمشي لأيام طويلة إلى مرقد الأمام الحسين بكربلاء المقدسة، مبرراً ومبطناً طعنه هذا بدعاوى قد تبدو جميلة في الظاهر، ولكنها (حق يراد به باطل) فهذا ليس لديه نية حسنة من هذا الكلام، بل لديه ضعف في إرادته لديه جهل في علمه ووسوسة في نفسه ومرض في قلبه.

والله سبحانه وتعالى يقول "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"، وهذا يقول لا تعظموا شعائر الحسين !.

ومن هو الامام الحسين؟

اليس هو الداعي إلى الله؟

ألا نقول له:" لبيك داعي الله" فشعائر الإمام الحسين ليست شعائر لزيد أو عمر وليست مظاهرات لحزب أو جماعة وليس انتخابات لشخص أو آخر، إنه لله، وأعطى كل ما يملك إلى الله سبحانه وتعالى، فلماذا تأتي أنت وتنهى وتطعن الشعائر الحسينية؟ أعوذ بالله..).

امتحان مابعد الانتخابات:

وحول مجريات الأمور بعد انتهاء الانتخابات التي جرت مؤخراً، أوضح سماحته أن: (الفتن في الدنيا فيها هدف وهي امتحانات لإرادة الإنسان ومدى قدرته على تحدي الصعاب، بالأمس تركتم الانتخابات .. وهنا امتحان، فالذي لم ينجح في الانتخابات يدخل في امتحان والذي نجح يدخل في امتحان أيضاً، فالذي لم ينجح هل يستطيع أن يصبر؟

هل لديه اطمئنان وثقة بمنهجه؟


إذا كان عندك ثقة بمنهجك استمر عليه، واتبع أمامك أمير المؤمنين عليه السلام كان لا يضيره ولا يحزنه ولا يستوحش من تفرق الناس من حوله وتركه، ما دام هدفه وطريقه الحق.

أما الذي نجح فله امتحانه أيضاً، أن لا يغتر ويقول انتخبوني الناس..


انتخبوك في سياق معين، ربما اشتبهوا وانتخبوك، أو عرفوك وانتخبوك لأجل تحقيق أهداف، تحقيق طموحات وعمل، فإن تصل إلى الكرسي ثم لا تحقق أهداف الأمة والناس والناخبين فهذا في الواقع ظلم، وتحاسب عليه حساباً عسيراً  لأنك جلست في منصب ومركز ما أديت الحق فيه، ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (ملعون ملعون من ضيع من يعول) فأنت هنا بمقام كرب العائلة، في أي منصب صرت، كبيراً أو صغيراً أنت الآن مسؤول عن هؤلاء..).

وتابع سماحته بالقول : ( هذا إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام، وهؤلاء أئمتنا.. فكيف لأحدنا أن يقول إنه من شيعة علي ويخوض في أموال الناس ودمائهم ويأكل يميناً وشمالاً، وفساداً ورشوة، وقلة خدمات، ولا يهتم ؟

كيف ينظر يوم القيامة في وجه علي ويقول أنا من أتباعك وأنصارك وأنت إمامي؟

إحصل على ما تريد من مناصب وأموال بهذا الأسلوب لكن هذه في يوم القيامة ليست في ميزان حسناتك في ميزان، بل الحسنات العمل الصالح.. فهذا الأمر هو امتحان، أمر يحتاج إلى تفكير وتأمل، فأمامنا عقاب وقيامة وميزان وحساب).

وكان سماحته قد أستهل المحاضرة بآيات قرآنية مباركة، ثم أوضح أن : (النفس البشرية في هذه الدنيا محاطة بهالة كثيفة من الشهوات يصعب على الأنسان أن يخترقها، فالشيطان ووساوسه، والدنيا وزخارفها، والطغاة وضغوطهم وجبروتهم، ومشاكل الحياة وأعاصيرها، كل تلك تشكل إطاراً وحجباً حول النفس البشرية لا تدعها أن ترى الحقائق).

مضيفاً: (إذن فهل يا ترى نقنط من رحمة الله؟

كلا، هل نيأس من الاصلاح؟

كلا، للاصلاح منهج وللوصول إلى رحمة الله طريق .. ومنهج الاصلاح أن تزلزل هذه النفس زلزالاً، إن تسلط عليها أشعة خارقة قوية، أن تلهبها بحزمات من النور المتدفق حتى تنفتح أغلال هذه النفس، حتى يصحو هذا الغافل، يستيقظ هذا النائم، والقرآن الكريم هو ذلك الزلزال، هو تلك الحزمة من النور الإلهي والشعاع الرباني..).