معوقات الريادة

ناصر موسى الحسين *

تحتل ريادة الأعمال أهمية كبيرة في الاقتصادين الأوروبي والأمريكي إلى حد أصبح هذا البرنامج رافدًا، بل محرك رئيسي لاقتصاداتها، وتكمن أهميتها في تجديد خلايا الاقتصاد عبر التنويع المستمر، وحمايته من الانهيارات المفاجئة أو التباطؤ الذي ينجم عن اضطرابات مشاريع رأس المال الكبير.

كما تمتد أهميته لتشمل خلق فرص عمل جديدة، وتخفيف العبء عن كاهل الحكومات على مستوى توفير الوظائف مع تنامي أعداد الخريجين.

تنبهت دول المجلس إلى ضرورة الاهتمام بهذا الجانب، وقد أثمر هذا الاهتمام في تحقيق الإمارات العربية المتحدة مركزًا متقدما، حيث فازت بالمركز التاسع عشر عالميًا (من بين 132 دولة) في تقرير «المؤشر العالمي لريادة الأعمال 2016» الصادر عن «المعهد الدولي للتنمية الإدارية» متقدمة على دول تشتهر بدعم هذا القطاع، مثل النرويج وكوريا الجنوبية وتركيا واليابان.

واعتمد المؤشر العالمي لريادة الأعمال في تقييمه للدول على مجموعة من المعايير من بينها مهارات التأسيس، وتقبل المخاطر، والتواصل والدعم الثقافي، وفرص التأسيس، واستيعاب التكنولوجيا، ورأس المال البشري، والمنافسة والابتكار في المنتج، والابتكار في الإجراء، والنمو العالي، والتدويل، إضافة إلى رأس المال المخاطر.

وقد خطت قطر خطوات رائدة في مجال دعم ريادة الأعمال من خلال مؤسسات وبرامج متنوعة من أبرزها ما يقوم به بنك قطر للتنمية حيث يوفر كافة الخدمات لرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسّطة تحت سقف واحد بما في ذلك الخدمات الاستشارية والتمويلية.

وأيضا دار الإنماء الاجتماعي التابع لمؤسسة قطر، وبرنامج الابتكار التكنولوجي وريادة الأعمال التابع لواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا، وحاضنة قطر للأعمال.

ورغم ما تبذله دول المجلس في هذا الإطار إلا أننا ما زلنا في بداية الطريق، وما زالت هناك عوائق تبطّئ من سرعة هذا البرنامج، فما الذي يعيق هذه المسيرة؟ يؤكد كثير من الشباب الطموح وجود عوائق تمنعهم من ولوج عالم الأعمال والبدء في مشاريع خاصة، من أهمها:

غياب التمويل، فالفئة المستهدفة والمؤهلة بالفعل لخوض برنامج ريادة الأعمال هي فئة الشباب التي تفتقر بطبيعة الحال إلى رأس المال.
ولأن التمويل غائب، ولوجود نسبة من المخاطرة، يبرز الخوف من الإخفاق كعائق آخر، خاصة مع فقدان الحماية من آثار السقوط.

ضعف أو انعدام التجربة العملية، والمفارقة هي أن التجربة - كما أنها تمثل عائقًا أمام خوض الخريجين ريادة الأعمال- تمثل في الوقت نفسه العائق والمبرر الرئيس في رفض شركات القطاع الخاص لهذه الفئة.

ضعف المهارات الإدارية لدى شريحة الخريجين الجدد وافتقارهم إلى التدريب في هذا المجال.

منافسة العمالة الوافدة وتشكيلها مجموعات ضغط تعتمد على التنسيق والتعاون في ظل غياب التنسيق عن المشاريع التي تتبناها القوى العاملة المحلية.

خلاصة القول: تعتمد فكرة ريادة الأعمال على ابتكار المشاريع الجديدة وهي تتسم غالبًا بالمخاطرة وبالتالي فإن رغبة الدول في تشجيع برامج ريادة الأعمال يجب أن يصحبها إسناد وحماية من هذه المخاطر.

كما يتطلب الأمر تطوير بيئة ومناهج التعليم، وتشجيع ودعم حركة البحث العلمي وتسهيل تدفق المعلومات.
 

 

كاتب وصحفي سعودي