كيف تعامل المسلمون مع أهل البيت عليهم السلام ؟

 بعد أن تنسم المسلمون أريج أيام العيد.. وفي أول جمعة في شهر شوال الموافق لـ 6/11/1425هـ، أمّ سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة  نمر باقر النمر دام عزه .. جموع المصلين  في مسجد الإمام الحسين بمدينة العوامية..، في صلاة يوم الجمعة، وقد أبتدأها – كالمعتاد- بالقاء خطبتيه الأسبوعية،، وقد حتمت ذكرى هدم قبور ائمة البقيع –التي تتزامن مع هذه الأيام- على خطاب سماحته التطرق لقضية حق أهل البيت في وجوب التمسك بهم والدفاع عن حقوقهم ورفع ذكرهم بشكل عام، وبناء قبورهم في البقيع بشكل خاص.
وقد أقتطفنا من الخطبتين بعضا مما جاء فيهما، نسوقه لكم في التقرير التالي؛ مع الإشارة إلى أن هذا التقرير لايعبر بدقة عن ما تحدث عنه سماحته في خطبتيه؛ غير أن ذلك لايخلو من الاشارة النسبية للمعنى المراد: 

الخطبة الأولى « أهل البيت بين الوصية والممارسة»
على غير العادة وفي بداية الخطبة وبعد ان صلى على النبي والآل الكرام، خصص سماحته صلاة خاصة لأئمة البقيع «والصلاة والسلام على أئمة البقيع أئمتي جميعا ورحمة الله وبركاته»، مما أوحى للمستمعين باحتمالية حديثه عن مايخص شأنهم .. سلام الله عليهم.
ومن ثم أوصاهم بتقوى الله من خلال التمسك بعترة رسول الله : «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي » «أذكركم بأهل بيتي».
ومن ثم أوضح سماحته أن وصية رسول الله لا تتحقق إلا من خلال كتاب الله وعترته، ولاتقوى الا بالمودة لآل الرسول  ، والقرآن واضح لمن عنده البصيرة..

? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ? (59) سورة النساء

? إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ? (55) سورة المائدة

ويقول جميع المفسرين أن هذه الآية نازلة في علي سلام الله عليه.

وأيضا بما تواتر في الروايات واتفق عليه كلا الفريقين..

(الله وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ..... من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق حيثما دار معه).
وهذه المقاطع متفق عليها بين المسلمين، وكل المصادر المعتمدة عند المسلمين تروي ذلك وإن اختلفت بعض العبارات؛ لكن المؤدى واحد.
?  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ? (33) سورة الأحزاب

وتروي أم سلمة رضوان الله عليها انه لما نزلت هذه الآية جمع الرسول علي وفاطمة والحسن والحسين وقال: (هؤلاء هم أهل بيتي)، وبعد نزول هذه الآيات استمر الرسول  في طرق باب بيت علي و فاطمة كل صباح وهو يقول: السلام عليكم أهل البيت،، فالحق واضح لمن أراد أن يهتدي ولكن
? وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ? (14) سورة النمل

ومن ثم انتقل سماحة الشيخ النمر في خطبته إلى قراءة بعض النصوص  التي عبر عنها أنها: نصوص «جياد صحاح» متوافرة في كتب الجميع واضحة في هذا الشأن، وأخذ يعلق على بعض عباراتها.. مع أنها لمن أراد أن يهتدي لاتحتاج إلى تعليق.

ومن ثم وقف سماحته وقفة سامقة، وطرح سؤالا على الأمة الإسلامية حول موقفها مع أهل البيت أمام الواجب في حقهم من خلال النصوص..
فسأل: كيف هي علاقتنا بأهل بيت النبوة؟.. كيف تعاملت الأمة معهم؟ فلا بد من هذا السؤال حتى نقف موقفا صريحا نحدد فيه المواقف..، فلنرى كيف تعامل معه المسلمون.

- فعند وفاته قال الرسول : أتوني بدواة وكتف حتى أكتب لكم كتابا لاتضلوا بعدي أبدا، فيقولون: أنه ليهجر.. أو أشتد عليه الوجع، مع أن القران يقول: ? وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ? (7) سورة الحشر، ويقول: ? وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ? (3) سورة النجم
- وبعد الرسول  ضربت ابنته  فاطمة   وسلبت حقها وماتت وهي غاضبة مع أنه جاء في حقها من رسول الله وصايا واضحة « فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني» «أن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها» ، وتنكر منزلتها مع ما أكده رسول الله«فاطمة وخديجة سيدتا نساء الجنة» «فاطمة سيدة نساء العالمين»، فالعجب كل العجب في هذا الإنكار.

- ولم يكتفون بذلك، فقتلت عليا وسمت الحسن ونحرت الحسين، والرسول يقول يأتي بعدي من يحارب على التأويل كما حاربت على التنزيل.
والسؤال: من حارب علياً؟.. فلم يحاربه الآخر بل حاربه المسلمين أنفسهم..، وحرب علي هي حرب لرسول الله وللحق الصراح.

- وكذا حرفت الروايات التي نزلت في علي، فما الغرض من استبدال "عترتي.. بسنتي"، لماذا التلاعب من هنا وهناك،لماذا تحذف من الكتب الروائية في طبعاتها الجديد روايات أفضال أهل البيت؟ ? وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ? (14) سورة النمل.
فهل ترون ذكرا لفاطمة؟ عجب هذه القضية وملابساتها أعجب، فالرسول يقول فاطمة هي سيدة نساء العالمين ثم يأتي من يقول مريم!!
فلماذا الجحود بفضل علي ومكانته؟ لماذا؟ مع إن القرآن والروايات تصرح بفضله.

ثم دعا سماحته:
فإذا كنا مسلمين حقيقين لابد أن نقف ونترك ما كان عليه الآباء، ونترك محاصرة الحق بالقمع والاعتقال والإرهاب، فمن يدعي عنده الحق فلا يجب أن يعمل مثل ذلك.. والاعتقال والإرهاب هي أفعال أصحاب الباطل، ومن عنده الحق لايلزمه أن يمارس ذلك.
والحق الذي نعتنقه يتميز بالوضوح، وقوتنا في حقنا أننا نأخذه من كتبهم: ?  تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا ? (64) سورة آل عمران
وأهل البيت ليس للشيعة فقط، بل لعامة المسلمين، ولكن تخفى فضائلهم وتذكر فضائل الصحابة، وأهل البيت لا اعتبار لهم، ويروج للشجرة الأموية ويتناسى حقهم، مع أن بن تيمية يقول في كتابه (رأس الحسين) حينما سألوه لماذا لاتروي عن يزيد قال:« من يؤمن بالله واليوم الآخر لايروي عن يزيد».

ثم أكد على المسار الذي يجب ان يسلكه المخالف معنا: فبدل أن تمارسوا علينا الإرهاب والاعتقال تعالوا ولتردوا الحجة بالحجة...
فلذا نحن مسؤلون أن ندافع عن حق أهل البيت ونتحول الى دعاة ونحمل الراية، وموارد التقية التي نمارسها بالأمس كثير منها ارتفع اليوم.

نسأل الله أن يجعلنا ممن يتمسك بعترة أهل بيت النبوة قولا وفعلا انه سميع مجيب الدعاء.

الخطبة الثانية «ذكرى هدم قبور أئمة البقيع»

عباد الله اتقوا الله برفع راية اهل بيت النبوة سلام الله عليهم، خصوصا ونحن في هذه الأيام تمر علينا ذكرى هدم قبور أئمة البقيع .
نسأل الله أن يمكن المؤمنين من بناء هذه القبب الطاهرة، وسيتم ذلك ببشرى من الله: ?  وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ? (40) سورة الحـج.
إن القبب ماهدمت إلا استجابة للجاهلية الأولى ، فهم أساس الفتنة، يقول زعيمهم : «والله الا دفنا دفنا» يقصد دفن ذكر أهل بيت النبوة..

وبين سماحته ان الحجج التي يعللون بها فعلتهم هذه«هدم القبور» كلها لاصحة لها: فحجر«أي قبر» اسماعيل وأمه تحيط به وعليه المصلين في حرم الكعبة، وكذا قبر الرسول تحيطه المصلين.

ولكن ماهي الا امتدادات لحقد الجاهلية الأولى التي لم ترض أن يزار أهل البيت ويحيا مقامهم، بينما لعنة التاريخ تلازمهم في حياتهم وتشتد عليهم بعد موتهم..، ولكن عمى البصيرة يفعل كل شيء.
فأصبح الدين كله.. بدعة، شرك، كفر،، واستولت هذه الأفكار على الدين، فماذا بقي من الدين؟!، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره على أيدي المومنين وبالغيب.
ونسأل الله أن يوفق المؤمنين لبناءها واحياء ذكرى أهل البيت في كل أرجاء المعمورة حتى تلمع هذي القبب..، ذلك أن الله أراد أن تكون هذه المعالم نجوم تضئ لأهل السماء ورواسي ثابتة في الأرض على مر الزمان.

ثم بين متعجبا مستنكرا: فجميع المسلمون يتقربون الى الله باولياء الله من ايام الرسول حتى يومنا هذا ويزورون القبور.
والله لن يترك من يعبث بهذه المنارات والمعالم، وسيقيض الله المؤمنين لنصرته وينصرهم بالغيب ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ? (7) سورة محمد.