نص بيان الامام المـُدرّسي (دام ظله) بمناسبة اربعين الامام الحسين عليه السلام

شبكة مزن الثقافية

 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
خلاص العراق في منهاج السبط الشهيد
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ..
السلام على شيعة الحسين وعلى زوار الحسين وعلى السائرين على نهج الحسين ..

  • أيها المؤمنون..  يا زوار السبط الشهيد..

يا من لا يزال يحمل راية الإمام الحسين خفاقة على كل الربوع ويهتف في العالمين يالثارات الحسين.
يا من يبتغي بزيارة السبط الشهيد الخلاص من ويلات الدنيا وعذاب الآخرة..
انتم اليوم في ضيافة باب النجاة، في رحاب سبط الرحمة وسيد شباب أهل الجنة تستقبلكم راية ابي الفضل العباس بيديه القطيعتين وتبتسم لكم شفاه الرضيع المنحور في حضن أبيه، ويرحب بكم وفد الزائرين الى مرقد الإمام الشهيد وفي طليعتهم الإمام زين العابدين الذي انهكه المصاب وانهكته العبادة وزينب الكبرى عقيلة الهاشميين التي عادت بعد رحلة الأسر الطويلة وسائر العترة الطاهرة ومعهم شيخ الزائرين جابر الأنصاري.

انتم قدمتم الى هذه البقعة الطاهرة التي هي روضة من رياض الجنة وكلكم أمل في تجديد العهد مع إمامكم واعلان النصرة له ولنهجه والمضي قدما على دربه برغم كل الصعاب.
والله سبحانه شاكركم بفضله وجوده وهو ناصركم على اعدائكم في الدنيا انشاء الله ويشملكم بمغفرته يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.
اللهم تقبل منا هذا اليسير كما تقبلت من عترة النبي قربانهم المتمثل في السبط الشهيد يا رب..

اللهم ان هذا الشعب قد أعطى في خدمة الدين ما أنت أعلم به فمُنَّ عليه وعلينا بفضله واكشف عنهم هذه الغمة..
اللهم لك الحمد ان مننت على عبادك في العراق بإبادة الطاغية وعصابته فمُنّ علينا وعليهم بحكم إلهي عادل وبتصفية آثار الطغيان وأنظمة الظالمين ومؤامرات الطامعين..

  • أيها الأخوة المؤمنون..

هل ينبغي لمن يعيش عند سفينة النجاة ان يغرق في بحر الهموم وتحيط به عواصف البلاء؟
هل ينبغي لمن يملك مصباح الهدى ان يضيع في متاهات الدنيا؟
هل ينبغي لمن يسهل عليه الاعتصام بحبل الله المتين ان يتمزق اشلاء في تيه الضلال؟
كلا وألف كلا..
انكم اليوم مع سفينة الامام الحسين عليه السلام التي قال عنها الامام الصادق سلام الله عليه..
(كلنا سفن النجاة وسفينة الحسين اوسع وفي لجج البحار أسرع).
انكم اليوم عند مصباح هدى كتب على ساق العرش بجلاء..
(انه (الإمام الحسين ) مصباح هدى وسفينة النجاة) ، كما قال رسول الله ..
انكم من شيعة علي وأهل بيته عليهم صلوات الله وهم حبل الله الذي قال عنه ربنا سبحانه..
﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَ (103) سورة آل عمران
فلماذا تعيشون في جزيرة تحيط بها أمواج البلاء؟
لماذا التيه ولماذا التمزق..
تعالوا ونحن في ضيافة السبط الشهيد لنركب تلك السفينة الأسرع والأوسع ونهتدي بذلك المصباح الأبهى والأنور ونعتصم بذلك الحبل الأمتن والأوثق.
كيف؟
ان على كل زائر ان يعود الى بلده بتحفة معنوية وهدية ايمانية من بعد زيارته وهي تتمثل في تحديه للأوضاع الفاسدة والبحث جدياً عن تخلفه عن ركب الحسين.. لنعلم جميعا ما هي الحواجز التي تمنعنا عن الإمام الحسين ومنهاجه الذي هو السفينة وهو المصباح.
علينا جميعا ان نتأمل ونحن في رحاب الروضة الحسينية ما هو منهاج الإمام الحسين الذي فيه خلاص من تمسك به؟ ما هي أصوله وبرامجه ما هي الأدعية المناسبة لتحول هذا المنهاج الى دستور لحياتنا اليوم ونحن بدورنا فكّرنا وسألنا الله ان يهدينا الى سواء السبيل ونذكر لكم فيما يلي بعض التوصيات التي استلهمناها من ذلك المنهاج والتي نسأل الله سبحانه ان يخلصنا بها من بقايا الألم التي خلفها الطاغية المقبور.
أولا: كتاب الله وعترة الرسول:
حينما قرب من النبي صلى الله عليه وآله الرحيل الى الرفيق الأعلى أوصى امته بما فيه خلاصهم ونجاتهم فقال صلى الله عليه وآله:
(اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي
ثم اضاف ..
وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).
 وهاهي الامة أضاعت الثقلين فأحاطت بها أمواج المآسي.
وان كتاب الله اول شاك يوم القيامة حين يشكو الامة من هجرانه. وهو شافع مشفع وماحل مصدق من جعله امامه قاده الى الجنة ومن جعله خلفه ساقه الى النار كما قال النبي صلى الله عليه وآله.
وقد سئل سلام الله عليه عن الخلاص اذا اقبلت على الامة الفتن كقطع الليل المظلم فأمرهم بكتاب الله وكتاب الله والعترة النبوية الطاهرة هما نور واحد يشع من مشكاة واحدة. فالكتاب امام صامت والامام كتاب ناطق. وهما لا يفترقان ابدا.

  • أيها الزائرون الكرام:

ان السبط الشهيد سلام الله عليه استمهل اعداءه الحاقدين سواد ليلة العاشر من محرم لكي يتلو المزيد من كتاب الله.
وان علينا الاقتداء بمنهاجه.
علينا ان نجعل كتاب الله بصيرة قلوبنا فلا نرى شيئا او نسمع أمرا او نواجه موقفا الا ونستفيد من بصائر الكتاب ورؤاه في تفسيره او تأويله او معرفة حكمه.
ان الثقافة القرآنية هي الأصفى والأنقى وهي خير زاد للانسانِ في مسيرته التكاملية الى الله سبحانه.
علينا ان نربي على القرآن أبناءنا و قبل ان تختطفهم الثقافات الدخيلة فنخسرهم ويخسرون أنفسهم.
ان الحوزات والجامعات والمدارس والمعاهد مسؤولة عن مستقبل هذا البلد فعلى المسؤولين عنها ألا يألوا جهدا في تربية النشأ الواعد على أسس قرآنية والا فإن المستقبل يكون حالك الظلام والعياذ بالله تعالى.
الخطباء والاعلاميون والمؤلفون هم رواد الثقافة وطلائع الفكر فعليهم ان يجعلوا القرآن الحكيم محور توجيهاتهم ووسيلة تنمية المجتمع على أسس رصينة.
ان بصائر القرآن تربي المجتمع الصلب الذي لا تزلزله العواصف وهكذا علينا ان نستوحي منها عزيمة راسخة واستقامة وصمودا امام تحديات الزمن.
ان الامة الخائرة العزم الضعيفة النية المترددة في اتخاذ القرار هي امة مهزومة سلفا. بينما الامة الصلبة الصامدة والمتوكلة على الله والواثقة بنصره العزيز امةٌ منتصرة حتى وان انهزمت في معركة ردحاً من الزمان.
فعلينا ان نتسلح ببصائر الوحي حتى نتجاوز المحن ونصبح ـ بإذن الله ـ أقوى من الصم الصياخيد.
علينا ليس فقط التداوم في تلاوة كتاب الله المجيد، وإنما ايضا المزيد من التدبر في آياته الكريمة والله قد أمرنا بذلك حينَ قال سبحانه:
﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) سورة ص
ولا بأس ان تكون في مساجدنا وحسينياتنا وحتى بيوتنا ودوائرنا مجالس درس القرآن، تلاوة وحفظاً وتدبراً فإنه يستنزل الرحمة والبركات.

  • العترة الطاهرة:

انهم حبل الله المتين وعروته الوثقى فكيف نعتصم بهم، لقد خسر الذين ابتعدوا عن العترة الطاهرة. وتخلوا عن سفينة النجاة، وضلوا عن باب الرحمة، وتنكبوا الصراط المستقيم.
أما الذين تشرفوا بولاء اهل البيت عليهم السلام فطوبى لهم وحسن مآب. ان ولاية آل محمد درجات، فيا أيها الزائرون لمراقدهم الطاهرة تعالوا نسمو الى أعلى تلك الدرجات.
فطائفة يكتفون بحبهم وفريق أرقى منهم درجة حيث يعرفونهم حق المعرفة والأرقى منهم الذين يفقهون كلماتهم ويسيرون على خطاهم انهم شيعتهم حقا. وهم على منابر من نور يوم القيامة مبيضة وجوههم فطوبى لهم ثم طوبى لهم.
الف/ ان علينا ان نعمق ولاءنا لأهل البيت وأن نكثر الشعائر الدينية التي فيها احياء أمرهم، فمن احيا أمرهم احيا الله قلبه. وطهره من دنس الشك والنفاق وألَّف بين قلبه وقلب اخوته الموالين ورحمه الله كما قال الإمام : (احيوا أمرنا رحم الله من احيا أمرنا).

ان مجالس العزاء وحلقات ذكر محمد واهل بيته عليه وعليهم صلوات الله. وتكثيف الشعائر الحسينية وبناء المؤسسات الدينية التي تحتوي هذه الشعائر. انها من وسائل تعميق الولاء لآل البيت .

وان من تجليات الولاء لأهل البيت تحبيب الناس اليهم بحسن الخلق وصدق الحديث واداء الأمانة. فلنكن دعاة صالحين لهم بأعمالنا قبل أقوالنا وبسلوكنا قبل دعوتنا. فإن السلوك الطيب كالعطر النفاح يجتذب الناس من بعيد فإذا اقتربوا سمعوا كلمة طيبة لعل الله يهديهم بها الى جنة الولاء. وروضة الحب ورحاب رحمة أهل بيت الرسول. ..
ب/ وان معرفة مذهب أهل البيت عليهم السلام بدراسة أحاديثهم والتأمل في كلامهم والنظر في حلالهم وحرامهم والتفقه في بصائرهم هي حقاً درجةٌ عالية من درجات الولاء فإن كلامهم نور وأمرهم رشد ووصيتهم التقوى.

تعالوا نجعل بيوتنا ومجالسنا ومراكز تجمعنا كلها مهابط ملائكة الله سبحانه عبر ذكر الله وذكر النبي وأهل بيته ودراسة تاريخهم الصحيح والتفقه في أحكامهم واستيعاب معارفهم التي تمثل الدين الحق والصراط المستقيم الى الله سبحانه.

واني ادعو شباب هذه الامة بالتفقه في الدين واقول لهم ان هذه المرحلة من عمركم هي أغلى وأسمى مرحلة فاستفيدوا منها بالتسامي في درجات الولاء وذلك بالتفقه في احكام الدين ومعارف الاسلام من مصادرها السليمة.. اي من الكتاب والعترة ومن أفواه العلماء الربانيين وإياكم واشراك الشيطان فإنها منصوبة حولكم تنتظر غفلتكم لتصيدكم الى جهنم والعياذ بالله.

ان على علماء الدين ان ينتشروا في أوساط المجتمع وينشروا الكتب المفيدة. ويجتهدوا في تبليغ رسالات الله وفقه محمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين فقد جاء في حديث شريف: (من تعلم لله وعمل لله وعلم لله دعي عند الله عظيما).

  • أواصر الوحدة .... ايها الأخوة المؤمنون

اذا كان كل فرد منا لبنة في بنيان الوحدة فإن كل واحد منا مسؤول عن ذلك البنيان حيث تبدأ أواصر الوحدة الاجتماعية مني ومنك ومنا جميعا. فإن على كل واحد منا ان يُمّتن هذه الاواصر مع اقرب الناس اليه مع أسرته وعشيرته مع زملائه في الدراسة والعمل مع أصحابه في الرأي والموقف. مع التشكيلة الاجتماعية او السياسية او الدينية التي ينتمي اليها وليكنْ كل منا حلقة وصل بين مختلف المحاور التي ينتمي اليها من المحيطين به فأحسن الناس من يألف ويؤلف.

ولنا في تراث ديننا ووصايا كتابنا ونبينا وأئمتنا الهداة ركائز عظيمة للوحدة متمثلة بأسمى الأخلاق والآداب التي تزكّي نفوسنا من الأنانية والعصبية والتحزب للباطل. وتطهرها من سوء الظن بالناس والتجسس عليهم واتهامهم او تحمل وزر غيبتهم وتنظف علاقاتنا من الكبر والحسد والاستعلاء وقد قال ربنا سبحانه وهو يبشر عباده الصالحين:
﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) سورة الفرقان
وقال سبحانه: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) سورة القصص
ان الالتزام بتعاليم الدين في صدق الحديث وأداء الأمانة والاحسان الى الناس والعفو والتسامح والدخول في السِلم واجتناب خطوات الشيطان يجعل مجتمعنا بنيانا مرصوصا يتحدى الأعاصير.

وأواصر الوحدة في المجتمع تتقوى ـ بإذن الله ـ عبر نبذ الشعارات المفرقة والتأكيد على ما يوحد الناس واجتناب التنابز بالألقاب التي تمزق المجتمع شيعا وتجعلهم رذاذا لا سمح الله.
وجاء في الحديث شريف: (من تعصب او تعصب له عصب بعصابة من النار)..

ان التيارات السياسية والدينية وقيادتها الفاعلة مدعوة اليوم وأكثر من اي يوم مضى الى المزيد من التواصل والتفاهم والتركيز على نقاط الاشتراك لان ما يجمع هذه التيارات من مرتكزات الدين وميراث التاريخ ومصالح الدنيا وتطلعات المستقبل لهي اكثر بكثير مما يفرقهم ويمزق صفوفهم.

  • أيها الأخوة المؤمنون:

ان التماسك المتين في مجتمعنا هو الذي أفشل ابداً مؤامرات الطامعين وكان وسيلة للتغلب على مصاعب الحياة.

ولا يزال النظام الديني المتمثل في المرجعيات والحوزات والمساجد والهيئات الحسينية وما إليها تقوم بدور فعال في رص الصفوف كما ان العشائر المؤمنة تقوم هي الأخرى بدور حاسم في فض الكثير من الخلافات وفي التغلب على كثير من المحن والفتن.

ولكن المجتمع اكبر من هذا وذاك فنحن بحاجة الى المزيد من أسباب التوحيد ووسائل العمل المشترك مثل الروابط والاتحادات والمنظمات الأهلية. والتشكيلات السياسية.
وان زيادة عدد هذه المحاور لا تزيدنا الا قوة ومنعة بإذن الله مادمنا نعتمد مبدأ التعاون على البر والتقوى كما قال ربنا سبحانه:

﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) سورة المائدة. ومادمنا نتجنب الحمية الجاهلية. ونعمل بمبدأ الشورى الذي أمرنا الله به حيث قال سبحانه:
﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ (38) سورة الشورى

  • بين التعاون والتنمية:

ان المجتمع المتماسك كالبنيان المرصوص يتحدى الأعداء بصلابة وقوة وبذات الصلابة والقوة يصنع مستقبله الزاهر.
ان اهم ركائز التنمية الاقتصادية والاعمار هي التماسك والتعاون كما ان الاقتصاد القوي ـ بدوره ـ أهم ركائز العزة والمنعة والاقتدار، ألم يقل ربنا سبحانه:
﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ (60) سورة الأنفال

بلى ان قوة اي مجتمع ناهض لا تقتصر على القوة العسكرية بل على منظومة متكاملة من عوامل القوة ومن أبرزها القوة الاقتصادية.

والعراق اليوم أمانة بيد أبنائه بعد سقوط الصنم وتلاشي عوامل القمع والديكتاتورية واذا لم يبادر هذا الجيل من أبناء العراق لبنائهب على أسس رصينة فإنه يخشى عودة القمع بثوب جديد. وان العمليات الارهابية المستمرة والمدعومة من قبل أعداء العراق من الخارج وبقايا النظام السابق من الداخل وبعض المغرر بهم من السذج انها تهدف فيما تهدف، منع اعادة الاعمار وابقاء الاوضاع الخدمية المتردية مثل انقطاع التيار الكهربائي وشح المحروقات وارتفاع الاسعار والفساد الإداري وتعقيد الأنظمة وبالتالي تأخر الاعمار. وعلينا ان نتحدى الارهاب بيد تبطش ونبني البلد بيد تعمر انشاء الله تعالى. لكي ييأس الارهابيون ومن خلفهم ولكي يصبح البلاد مثلا للمجتمع الايماني المتقدم.

إن انشاء التعاونيات والشركات (المغلقة والمفتوحة) وتأسيس صناديق للقرضة الحسنة. وإلغاء القيود على استصلاح الاراضي الزراعية. وتطوير أنظمة بناء المساكن وتشجيع المصانع والمشاغل الكبيرة منها والصغيرة. انها جميعا خطوات نافعة في النهوض بالبلاد.

وعلى الجامعات ومراكز البحث ووزارة التخطيط ان تقدم دراسات مستفيضة لفرص العمل والاستثمار وعلى المجلس الوطني ان يسارع في سن القوانين التي تسهل الاستثمار وتساهم في اعادة الاعمار.

اننا بحاجة الى نهضة عمرانية تشترك فيها الدولة والشعب ويباركها الرب بفضله للتخلص من ارث التخلف الذي أعقبه النظام السابق. والله المستعان.

  • التنمية السياسية وتوسيع قاعدة الحكم .... ايها الأخوة المؤمنون

لأول مرة في تاريخ العراق الحديث يندفع أبناؤه الغيارى الى صناديق الاقتراع هبة رجل واحد في جوف التهديد الارهابي. ان كثيرا من ابناء العراق اغتسلوا غسل الشهادة قبل الخروج الى الاقتراع. انه عمل رائع وعظيم.

ولكن العملية السياسية لا تزال دون مستوى الطموح. فأداء المجلس الوطني واعضاؤه المحترمين لم يرق الى مستوى التحديات والمناصب العليا في البلاد تشكو من الكفاءات النزيهة. والروتين القاتل لا يزال سيد الموقف بسبب الانظمة البالية التي ورثناها من النظام السابق. والكثير من الطاقات المخلصة والمفيدة يشكون من الاهمال والمحسوبيات كما ان المحاصصة الحزبية تمنع من تصاعد الكفاءات النزيهة في المراتب الإدارية. وأهم من ذلك ان قاعدة الحكم تتقلص بدل ان تتوسع وتزداد الفجوة بين الحاكمين والمحكومين.
لماذا كل ذلك وما هو الحل؟

ان السبب في ذلك عدم فعالية رقابة الناس على المسؤولين، ان النظام الحر هو الذي لا يدع السلبيات تنمو وتستشري بل يقضي عليها وفي المهد وذلك عبر الرقابة الجدية على الاوضاع. ان علينا جميعا حماية هذا النظام الحر بالمزيد من التسديد ثم التأييد وان العلماء قبل غيرهم والمثقفين والمنظمات والأحزاب وطلائع الامة واهل الحل والعقد ومنظمات المجتمع المدني كلها مسؤولة عن الرقابة على مختلف أجهزة الدولة ثم تقويم الأمة ومكافحة الفساد ومواجهة نقاط الضعف بالإرشاد والتوجيه اولا ثم بكل ألوان الضغط المباشر وغير المباشر مثل الاستفادة من وسائل الاعلام، والاعتصام والتظاهرة السلمية.

وعلى المسؤولين ان يعلموا انهم موظفون عند الامة وليسوا متجبرين عليهم وان مراكزهم التي بلغوها هي أمانة بأعناقهم وان تكاسلهم عن أداء الأمانة.. تجاوز على حقوق الناس وظلم لهم وعليهم ان يستعينوا بالله العظيم على خدمة الناس والوفاء بحقوقهم المفروضة والله المستعان.

  • الارهاب داء وبيل فلنعقد العزم على اقتلاعه .... ايها المؤمنون

يقول الله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) سورة آل عمران.
ان المجتمع المسلم مجتمع حيوي يقتلع جذور الامراض فور ظهور عوارضها. والارهاب واحد من أخطر الامراض وعلينا ان نعقد العزم على مكافحته بالصبر والمصابرة والمرابطة والمزيد من فعل الخير بالاستعانة بالله سبحانه.

ان الإرهابيين ينفذون من الثغرات الامنية وعلينا ان نسدها جميعا، علينا الا نغفل عنهم فصاحب الحرب لاينام وان نام لم ينم عنه ـ كما يقول إمامنا امير المؤمنين علي ـ وهكذا يجب تحصين مواقفها العامة وعدم الضجر عن تفتيش الداخلين اليها، ومراقبة كل حركة والتسلح بالحس الامني.

علينا تنمية الحس الأمني عند أبنائنا وتعليمهم كيف يتصرفون عند مواجهته وكيف يخبرون الاجهزة المختصة وماذا عليهم ان يفعلوا ان وقعت حادثة أليمة.
ان القوى الشعبية بما فيها الهيئات الدينية والمنظمات الاجتماعية والعشائر وغيرها ذات اهمية قصوى في مواجهة الارهاب وعلينا الاستفادة منها بأقصى ما يمكن وبالتعاون مع سائر أجهزة الأمن.

ثم لنعلم ان الارهاب لا يقضى عليه بالدفاع فقط بل وبالهجوم وان الهجوم عليه ينبغي ان يكون بنفس واحد وبقوة رادعة وبتركيز شديد والله المستعان.

  • وختاما:

يا زائري السبط الشهيد انتم ستعودون الى بلادكم غانمين ثوابا عظيما انشاء الله تعالى وعليكم جلباب من الخلق الحسيني وعطر من الايمان الحسيني. وورث من النهضة الحسينية ومثل من المجتمع الاسلامي الذي كان الإمام الحسين يسعى بنهضته لبنائه، مجتمع المحبة والألفة، مجتمع الحيوية والنشاط، مجتمع العلم والعمل.. مجتمع الصدق والوفاء.

فمنذ هذه اللحظة وحتى قبل العودة فكروا في مدى الاستزادة من هذا الزاد العظيم الذي تزودتم به عند العودة الى بلادكم. وليكن وضعنا بعد الزيارة مختلفا عما قبله بإذن الله. وليكن العراق وشعبه المؤمن مثلا رائعا للشعوب المسلمة في وحدته وتقواه وصلاحه وهداه والله المستعان.

محمد تقي المدرسي
كربلاء المقدسة