في رحاب عمل البرّ حوار مع الأمين العام للجنة سيد الشهداء عليه السلام الخيرية

شبكة مزن الثقافية موقع سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي دام ظله

في رحاب عمل البرّ حوار مع الأمين العام للجنة سيد الشهداء عليه السلام الخيرية

إن من بين ما قننه الإسلام في تشريعاته العظيمة، هو النظام الإجتماعي، فقد أقامه على منهج مشرق، تتوحد فيه الجماعة الإسلامية على أساس وثيق من المحبة والألفة، هي أقوى وأعمق بكثير من رابطة النسب والدم، وقد برزت هذه الظاهرة على الصعيد الإجتماعي في العصور الإسلامية الأولى، فكانت أروع صورة للحياة البشرية على وجه الأرض، وكان من أمثلتها الخالدة: الإيثار الخالص من بعض الشهداء، وهو صريع على وجه الأرض، قد ذاب قلبه من العطش، فآثر أخاه الجريح بالماء، معلناً أنه أكثر ظمأً منه.

ومن تلك اللقطات الرائعة في دنيا الإسلام، ما أبداه أهل البيت سلام الله عليهم، من الإيثار، الذي هزّ المشاعر والعواطف، فقد قدموا طعام فطورهم، ثلاثة أيام متوالية، إلى المسكين، واليتيم، والأسير، لم يذوقوا شيئاً، وواصلوا صيامهم صابرين على ألم الجوع، فشكر الله تعالى هذا الإيثار، وأنزل فيهم سورة من القرآن الكريم وهي سورة «هل أتى» باقية مدى الدهر، تشيد بفضلهم، وعظيم إيثارهم.

ومن العوامل التي دعا إليها الإسلام في تقوية الترابط الإجتماعي وتماسكه، تراحم المسلمين فيما بينهم، وعطف بعضهم على بعض، فإن ذلك من أوثق الأسباب في جمع كلمتهم، ووحدة جمعهم، كما قال إمامنا الصادق سلام الله عليه:

«تواصلوا، وتباروا، وتراحموا، وكونوا إخوة بررة، كما أمركم الله، عزّ وجلّ».

 

وعلى ذات النهج سار علماؤنا الأعلام. فقد جعلوا لخدمة عباد الله تعالى نصيباً وافراً في مجال عملهم ومسؤولياتهم.

ومنهم سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله. حيث يؤكد سماحته ضرورة قضاء حوائج الناس وتقديم الخدمة لهم عبر المبادرة إلى تأسيس المؤسسات الخيرية وتقديم الخدمات الإجتماعية في مجالات الزواج، وإعالة اليتامى، وإعانة العوائل الفقيرة والمحتاجة، وإعطاء القرض الحسن وما شابه ذلك. وفي هذا الخصوص يقول سماحته:

اسعوا أن تكونوا دائماً في خدمة الناس كافة وكونوا عوناً لهم في حلّ مشاكلهم المختلفة ما استطعتم.

لجنة سيد الشهداء سلام الله عليه الخيرية هي من المؤسسات التي أسست بإشراف ورعاية سماحة المرجع الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي قدس سره الشريف لتقوم بأداء وإنجاز بعض الخدمات الإجتماعية المتنوعة والمختلفة في أكثر من بلد من بلدان اُمتنا الإسلامية.

وستقرأون فيما يلي حواراً مع فضيلة الأخ الاستاذ جميل علي كمال الأمين العامل للجنة سيدالشهداء سلام الله عليه الخيرية، شرح فيه وبإيجاز بعض الخدمات التي قدمتها اللجنة.

  •  هل بالإمكان أن تعطينا نبذة مختصرة عن لجنة سيد الشهداء عليه السلام والقائمين عليها؟

- لجنة سيد الشهداء عليه السلام هي لجنة تطوعية خيرية إسلامية عالمية تأسست عام 2001م في دولة الكويت ومقرها الرئيسي في حوزة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وهي إحدى مؤسسات الإمام الراحل الشيرازي أعلى الله مقامه، أما القائمين عليها سماحة الشيخ يوسف وسماحة الشيخ رجب والأخ ظافر والحاج حسن ونحن جميعاً نتولى مهام لجنة سيد الشهداء عليه السلام بإشراف سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله الوارف.

  •  ما هي رسالتكم؟

نهدف في جميع نشاطاتنا لتقديم الخدمة والعون لكافة المجتمعات وعلى محاور متعددة أهمها العمل المؤسساتي والثقافي بهدف السمو والمساهمة في التنمية العلمية والثقافية والصحية إضافة لرفع الفقر والعوز عن المجتمعات النامية تحت مظلة الإسلام الشمولية كدين تعاون وتكافل وسلام دون تمييز بين جنس أو لون أو فئة.

  •  ما هي وسائلكم في تحقيق تلك الرسالة الراقية؟

هي بناء وتأسيس المدارس والمساجد والحسينيات والمراكز العلمية والدينية والصحية، وحفر آبار المياه وطباعة وترجمة وتوزيع الكتب التوعوية والثقافية بشتى أنواعها، وإرسال المواد الإغاثية للمنكوبين والمساهمة في العون الاجتماعي بتزويج الشباب غير المقتدر، إضافة إلى تبني مختلف الأنشطة الاجتماعية والثقافية المشروعة لتحقيق رسالتنا السامية.

  •  ما هي الإنجازات التي تمّت للآن؟

بناء العديد من المساجد والحسينيات والمراكز الإسلامية وحفر العشرات من آبار الماء في مناطق تفتقر لذلك وطباعة وتوزيع قرابة 300 ألف كتاب بعناوين مختلفة، ودعم وبناء عدد من المستوصفات الصحية، وتزويج أكثر من 500 شاب وفتاة خلال عام 2003، وبناء ودعم عدد من المدارس والحوزات العلمية ومساعدة بعض الدول المنكوبة نتيجة تعرضها للكوارث الطبيعية أو الحروب، ومساعدة الأسر الفقيرة والأيتام بشتى المواد الإغاثية، وإقامة ولائم إفطار للصائمين وتأسيس المخابز الخيرية والحمد لله رب العالمين.

  •  إذا حاولنا أن نصنّف أعمال اللجنة بحسب الدول فمن أين نبدأ؟

نبدأ من الكويت.. لأن العمل الأساسي الآن هو العمل الثقافي وهو يأخذ عدة أبعاد وعدة مجالات، ولا نستطيع بهذه العجالة أن نلم بها جميعاً، ولكن يوجد مشروع جديد ومميز الآن يعتبر الأول من نوعه في القطاع الشيعي. وقد سبقتنا دول الخليج والبحرين والسعودية في هذا المجال، والمشروع اسمه (المودة) وشعارنا فيه الآية القرآنية: (وجعلنا بينكم مودة ورحمة...) ويهدف هذا المشروع إلى إصلاح ذات البين وتقليل نسبة الطلاق في المجتمع الكويتي والتقريب بين العوائل الكويتية ومحاولة تقليص حالات الانفصال الموجودة.. وبر الوالدين.. هذا الزمن الذي أطلق عليه زمن العقوق. ووسائلنا في هذا المشروع طبع الكتب ونسخ الأشرطة وإقامة الندوات الثقافية والمحاضرات وإنشاء دورات تثقيفية للمتزوجين.. وقد طرحنا في الوقت الحاضر كتاباً جديداً من نوعه يبحث في أمور الزواج وأمور الأسرة وتربية الأطفال.. وأتوقع أن هذا العمل من أعظم القربات إلى الله تعالى لأن إصلاح ذات البين أفضل من الصلاة والصيام كما جاء في الحديث الشريف.

والعمل الثاني في الكويت عمل خدماتي فهو يتضمن دعم ومساعدة العوائل الفقيرة وكفالة الأيتام إضافة إلى أعمال كثيرة اخرى.

  •   والبلد الثاني؟

العراق.. وقد أخذ حيزاً واسعاً من أعمال اللجنة، وانطلاقة قوية خاصة بعد التحرير.. حيث تم العمل بعدة محاورة وأعمال مكثفة.. ويمكن القول بأنها مفصلية في العراق الجريح.

أولاً بدأنا بإرسال الكثير من المساعدات المادية والعينية والمعونات والمواد بالتعاون مع الكثير من المؤسسات واللجان الخيرية، وقد تم بحمد الله إرسال شاحنات تحمل مواد غذائية ومياه للشرب وبطانيات وحتى الأكفان... الخ، وكان للجنة قصب السبق والحمد لله فوضعت ما بين حرم أبي الفضل العباس وحرم الإمام الحسين سلام الله عليهما أكثر من 40 براد كبير في خدمة الزوار، إضافة إلى ذلك دعم بعض أسر الشهداء في العراق.

ثانياً بعدما استقرت الأوضاع بدأنا بإنجاز العمل الثقافي فأدخلنا الكتب من عدة دول منها الكويت وسوريا واستطعنا بحمد الله تمرير أكثر من 100 ألف إلى 200 ألف نسخة من الكتب المتنوعة وأكثر من 10 آلاف نسخة من القرآن الكريم كما كانت لجنة سيد الشهداء سلام الله عليه هي اللجنة الأولى التي استطاعت تشييد مسجد سيد الشهداء في كربلاء المقدسة، كما تم بناء حسينية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وهي أول حسينية تم افتتاحها في منطقة الهندية التابعة لقضاء كربلاء المقدسة، واستطاعت اللجنة (بحمد الله) تشييد حوزة سيد الشهداء سلام الله عليه وهي أكبر حوزة في العراق وتقع في حي الأطباء بكربلاء المقدسة وتبلغ مساحتها 800 م2 كبناء أما الأرض فتبلغ 4000م2 وهي قيد التأسيس وبإذن الله سيتم افتتاحها واستقبال الطلاب في العام القادم.

  •  والبلد الثالث؟

أفغانستان.. تميزت (ولله الحمد) بإنشاء العمل المؤسساتي الضخم، وكنا نعمل على مدى ساعات طويلة في اليوم، وقد تم بناء وتشييد من 40 إلى 50 مسجد وحسينية ودعم أكثر من مدرسة في داخل أفغانستان مثل غزني وكابل ومزار شريف وأماكن كثيرة، إضافة إلى ذلك فإن اللجنة بدأت بإنشاء المخابز الخيرية في الكويت وقد تم بحمد الله إرسال الخبز من الكويت إلى أفغانستان، لأن الشعب الأفغاني يعتبر الخبز من المواد الأساسية في غذائه، فتصور أنه يستغني عن اللحم والمواد الأخرى ولكنه لا يستطيع أن يستغني عن الخبز والشاي، وهذا عنصر غذائي هام في أفغانستان، واستطعنا بحمد الله إقامة دورات للقرآن الكريم، وندوات تثقيفية وإرسال أكثر من 12000 نسخة من القرآن الكريم، كنا نقوم بطبعها ونقلها من قم المقدسة إلى أفغانستان بواسطة مكتب سماحة السيد المرجع دام ظله الشريف.

  •  وهل اقتصرت أعمالكم في العراق وأفغانستان؟

أبداً.. لدينا مشاريع خيرية في سوريا، تضمنت طباعة الكتب التثقيفية وتوزيعها وطباعة القرآن الكريم وطباعة المسائل الاسلامية إضافة إلى ذلك تم إنجاز أكثر من 7 إلى 8 مشاريع خيرية من مساجد وحسينيات وأبرزها حسينية الإمام الباقر سلام الله عليه وهي بجانب الحوزة العلمية الزينبية المجاورة للسيدة زينب سلام الله عليها في دمشق، وبناء المساجد والحسينيات في دير الزور وبعض المناطق في الساحل الشرقي، كما لم تقتصر أعمالنا في سوريا على المشاريع وإنما تضمنت أيضاً توزيع كسوة الشتاء والبطانيات والمواد التموينية واللحوم على المعوزين والأيتام بصورة عامة.

  •   هل تقصدون بلداناً أوروبية؟

نعم لدينا تركيا والبرتغال.. ولكن سنبدأ بتركيا.. فنحن نحاول الآن إيصال نور فكر آل محمد إلى الأماكن المحرومة وبهذا نكون كالذي يوصل الكهرباء إلى المناطق المظلمة.

وبدأت القصة في الصيف الماضي، فقد قامت اللجنة بعدة زيارات فوجدت أن هناك نقصاً شديداً في النواحي الدينية ولا توجد عندهم معرفة عميقة بفكر آل البيت سلام الله عليهم مع أن هناك ما يقارب الـ25 مليون من العلويين والذين يحبون آل البيت، ولكن لديهم بعض العقائد المختلفة نسبياً، كما يوجد هناك ما يقارب من 3 إلى 5 مليون من الشيعة والمتمسكين بفكر آل البيت سلام الله عليهم فتم والحمد لله شراء أرض في العاصمة استانبول تبلغ مساحتها 550م2 ووجدنا متبرع قام بتمويل المشروع بـ50 ألف دولار لإنشاء مسجد وركزنا على تشييد حسينية ومركز تجاري إسلامي ونحن إن شاء الله سنذهب في آذار/ مارس لافتتاحه.

  • لماذا ركزت اللجنة على إنشاء حسينية هناك؟

ركزت اللجنة على إنشاء الحسينية قبل غيرها لأننا لاحظنا أنه لا يوجد أي حسينية في تركيا وقد تكون هذه الأولى التي تبنى هناك.

* وهل اتفقتم مع أحد هناك.. وما هي الكتب الذي تنوون إرسالها؟

نعم والحمد لله تم الاتفاق مع سماحة الشيخ محمد الملقب بالسجاد، وقد تم طباعة زهاء ثمانية كتب بآلاف النسخ وتم توزيعها هناك منها كتاب من ركب السفينة وكتاب الإمامة وكتاب عن أهل البيت سلام الله عليهم وكتاب تعليم الصلاة كتب كثيرة سيتم طباعتها ونشرها في تركيا بإذن الله.

  •  وجمهورية البرتغال؟

قبل مدة وجيزة لاحظ الأخوة هناك أنه يوجد منطقة اسمها فاطمة وتنسب إلى الزهراء سلام الله عليها حسب اعتقادهم.. وإيماناً من القاعدة التي نؤمن بها وننطلق لأجلها أرسلنا مندوبين من قبلنا لجمهورية البرتغال لاستطلاع الوضع ومعرفة إمكانية إما شراء أرض أو استئجار عقار في تلك المنطقة.

وقد تم طباعة بعض الكتب باللغة الأسبانية والإنجليزية والفرنسية لإرسالها إلى هناك لتعريفهم بمذهب أهل البيت سلام الله عليهم ونحن ننتظر عودة الأخوة المندوبين لننطلق إلى هذه الجمهورية ونعمل كما أمرنا الله العلي القدير والحمد لله رب العالمين.

 


نقلاً عن موقع ( وكالة الأنباء الشيعية- إباء) بقليل من التصرف