مكانة الإنسان ومكافحة الفساد

إن للإنسان مكانة مقدسة على وجه هذه البسيطة، وهو كذلك مكرم من قبل الخالق تبارك وتعالى على كافة المخلوقات، حيث قال عز وجل في محكم كتابه المجيد: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً  [1] .

إذن لقد كرم الله تعالى الإنسان بحسن الخلقة، فخلقه معتدل القامة، ذات بنية حسنة، وزاده في ذلك بأن جعل له عقلاً يفكر به ليميز بين الخير والشر، وبين الخطأ والصواب، وبين ما هو حسن وجميل للحياة البشرية وبين ما هو سيء وقبيح لها.

لذا فإن عليه مكافحة الفساد ومحاربة الرذائل بشتى أنواعها المختلفة وأشكالها المتنوعة لكي يحقق المعنى، وهو تفضيله على جميع الكائنات كما أخبر الباري سبحانه في القرآن الكريم.

  •  الكذب

وهو من المفاسد المضرة للإنسان ومسقطةٌ لمروءته بين الناس، فإذا أصبح الإنسان في عداد الكذابين لم تسمع كلمته ولو كان صادقاً، فبفعله هذا ألحق الضرر بنفسه فلم يعد ذا قيمة بينهم ولو كان الرئيس فيما بينهم، فعلى الإنسان تجنب الكذب والالتزام بالصدق، فلا يحدث نفسه فيقول هذه كذبة بيضاء وتلك سوداء ويخدع نفسه والآخرين بهذا الكلام الغير صحيح، فلا يوجد في الشرع كذبة بيضاء وسوداء وحمراء وزرقاء بل هو كذب بحد ذاته مهما تنوعت أغراضه.

  •  التفحيط

إن هذه الظاهرة باتت في تنامي مستمر في البلاد وخصوصاً ليالي الخميس والجمعة، وهي ظاهرة مزعجة بحد ذاتها، فبدل أن يستغل الشباب سياراتهم بالبحث عن عمل نافع يرجع عليه بالخير يقوم بهذه الأعمال التي تشوه صورته في أعين الناس وتعطي للبلد نظرة فساد وخراب. فكم سمعنا عن أشخاص قاموا بهذه الظاهرة فاحترقت سياراتهم والبعض الآخر انقلبت به السيارة رأساً على عقب فأصيب بشلل ونحوه.

والجدير بالذكر إن المحفز لهذه الظاهرة هو تجمهر الأطفال والشباب لمشاهدة لعبت الموت هذه، فلو لم يكن هناك من جمهور لمشاهدة التفحيط لما جاء هؤلاء الشباب المتهور وقام بهذه الأمور المزعجة.

  •  القتل

وهو من الأمور المحرمة في الشريعة الإسلامية، وقد كثر في هذه الأيام فقد أصبحنا نسمع بالقتل في الآونة الأخيرة ما بين كل أسبوع ما لم نقل كل يوم، والأمر الغريب هو وجود من يطلقون النار في الأعراس الأمر الذي كان لا وجود له في مناسبات العرس سابقاً بينما تزايد وضعه الآن، وقد يصاب بعض المدعوين لهذا الزفاف فتذهب حياته نتيجة طلقة طائشة من أحد المجانين الذي يستخدمون هذه الأسلحة الخطيرة، وعلى أثر ذلك تأتي الشرطة وتحبس العريس وأباه وبعض أقاربه على أثر التحقيق فبدل أن يكون العريس مع عروسه في بيت الزوجية يكون خلف القضبان الحديدية.

الأمر الذي أغضب الكثير من أهالي المنطقة وأزعجهم كثيراً، فبادروا إلى الإبلاغ عنه ولكن لم تكن هناك نتيجة تذكر من قبل المسؤولين الذين لهم غاية سيئة اتجاه المنطقة وتحويلها إلى منطقة تدمير وقتل وخراب ونهب.

وهناك أنواع من المفاسد غير ما ذكرنا أمثال: السرقة والاختطاف والغيبة والنميمة والاغتصاب والابتزاز والعقوق والتكبر والغرور والمخدرات والخمر... إلخ.

وينسب البعض هذه المفاسد إلى الزمان والدهر، فيقول: هذا زمان فاسد وينسى أو يتناسى بأن المفاسد من الناس أنفسهم لا من الدهر والزمان، وكما قال الشاعر:

 
نعيـب زماننـا والعـيـب فيـنـا      وما للزمان من عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنـب      ولو نطق الزمان إذاً هجانـا

كما يروى في كتب الأدب بأن أبا ميَّاس الشاعر أتى يوماً على جماعة، فقال: ما أنتم فيه ؟ قالوا: نذكر الزمان وفساده، قال: كلا بل الزمان وعاء وما ألقي فيه من خير أو شر كان على حاله. ثم أنشأ يقول:

 
أرى حللاً تصان علـى رجـالٍ      وأخـلاقـاً تُـــزال ولا تـصــانُ
يقولـون الـزمـان بــه فـسـادٌ      وهم فسدوا وما فسد الزمانُ
[1] سورة الإسراء، الآية 70