سُبل الحصانة من التحرش || سماحة الشيخ أمين محفوظ

محاضرة الليلة الرابعة من محرم 1441 هـ

شبكة مزن الثقافية
سماحة الشيخ أمين محفوظ
سماحة الشيخ أمين محفوظ

قال تعالى ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )

الإنجذاب بين الرجل والمرأة من القضايا التكوينية التي غُرِست فِطريًا في الإنسان ، كان ذكرًا أو أنثى.
وهذا الإنجذاب أودعه الله في الإنسان ليكون باعثًا لِقضية الإقتران المشروع الذي أراده الله بين الجنسين من خلال مؤسسة الزواج.
هذا الاقتران الذي يحقق الكثير من الأغراض السامية والعظيمة المرتبطة بِوجود الإنسان واِستخلافه في الأرض ، والتي في مُقدمتها حفظ العنصر والنسل البشري.


ولكن ماهي حدود العلاقات التي تكون خارج إطار الزواج وكيف تُدار؟ 

الإسلام دينٌ يقوم على أُسُس القيَم والمبادئ، ولكنه دين واقعي أيضًا.
فحين تفصيل هذه الشرائع ، يُفصّلها الإسلام بحيث أن تكون مُناسبة مع واقع الإنسان ..
فهو لم يسمح بقضية التداخل غير المُنضبط بين الرجل والمرأة ، ولكن لم يعزل الرجال عن النساء بشكل تام.

فهذا التساؤل يفرِض نفسه بالذات في عصرنا هذا ، عصر العولمة .. الذي أصبح التداخل بين الشعوب أمر حتمي ، والتخالط أصبح في كل مكان ولا يمكن لنا الفرار من هذا الواقع.

فينبغي أن يُدار التداخل وسط الأُطُر التي بيّنها الشرع ، فهذا الأمر يفرِض الكثير من التحديات أمام المجتمعات المُسلمة كلما تطور واقع البشر.

فما هو المخرج من السلبيات التي يفرضها هذا التداخل ، والتي في مقدمتها قضية التحرش التي يتعرض لها الكثير من النساء!


الإسلام وضع للإنسان المبادئ التي تُمكّنه من الاحتفاظ باِلتزامه في ضمن أي محيط يعيش فيه ، فماهي الضوابط التي ينبغي لنا التحدث من خلالها و جلب الحصانة للواقع الاجتماعي؟

وضع القرآن الكريم هذه الضوابط بوضوح تام وبيّنها بما يتناغم مع واقع الإنسان ، من ضِمنها :

١) الإحتشام : فَمناشئ قضية التحرش كثيرة ، منها الأسباب المتعلقة بضعف النفس عند الطرف المتحرش
ومنها ما يتعلق بالمرأة أيضا ، كَمستوى اِلتزامها بِأُصول الحجاب الشرعي الذي أراده الله تعالى.
فكثير من الأحيان نجد أن النساء اللواتي يتعرّضن للتحرش يُعانِين من التبَذّل في التزامهن بالحجاب.
فالحجاب ليس مجرد قطعة من القماش تضعها المرأة على رأسها و تغطي المفاتن ، بل هو سلوك في واقعه. 
فقضية الاِحتشام قضية محورية مُهمة تساهم في الحَد من مسألة التحرش.


٢) تعزيز المناعة الذاتية : وجود الانسان في مثل هذه البيئة المختلطة ليست مشكلة شرعية ، ولكن ينبغي للإنسان الإحتفاظ بالضوابط التي تجعله مُلتزمًا بدينه ، فكيف تحافظ المرأة على نفسها من التعرّض لِمثل هذه الأخطار في هذا الواقع؟ 
بالاعتناء بتعزيز المناعة الذاتية.
فكيف يمكن تعزيز المناعة الداخلية للانسان؟

- غض البصر : فالنظرة الحرام مُستجلِبة لِوقوع الإنسان فَريسة للشهوة.
فالنظرة تُقوّي الباعث الداخلي في الإنسان تِجاه الرذيلة ، وعليه منع الذرائع التي قد تجعله فريسة سهلة للشهوة.
ولأنها غريزة قوية ومُلحّة في الإنسان ، أكّد الإسلام على غض النظر و حفظ الفروج .. فإن تسَيّب الإنسان مع النظرة الحرام سَيجعله يعيش أجواء مُحفّزة للرذيلة لأبعد الحدود.

ولأهمية هذا الأمر و اِرتباطه بالرجال والنساء معًا ، جاء الأمر مُستقلا لكل جِنس منهما .. وهذا لبيان أنّ لكل طرف مسؤوليته فهذه القضية.

(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) 
(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)

ومن نتائج عدم غض البصر و الاِسترسال وراء الشهوة هو قيام الإنسان بأمور في غاية الاِحتيال للوصول لغايته.


- مراقبة الله عز و جل : ينبغي للإنسان ألّا يظن أنه غير مُراقب أو أنه بعيد عن الرصد. 
قال تعالى (إن الله خبيرٌ بما يصنعون) .. فتعزيز التقوى يُساهم في تعميق المناعة الذاتية داخل الإنسان عن الإنسياق وراء المغريات.

- الوعي : فمُعظم ضحايا التحرش كانو يُعانون من ضعف الوعي.
فالمُتحرّش يستغل الجانب العاطفي للطرف الآخر الذي يعاني من قلة الوعي ، وبالخصوص في عصرنا الحالي الذي يعاني من التحرش الإلكتروني.
فالإنسان بحاجة للتسلّح بالوعي والثقافة التي تجعله قادر على عدم الوقوع فريسة لهذه الأعمال.