كتاب : ثقافة الإسلام و ثقافة المسلمين

حسين علي الملاك

الكتاب: ثقافة الإسلام وثقافة المسلمين
الاتصال والتقاطع أم الانفصال والقطيعة؟!
المؤلف: علي علي آل موسى
الطبعة وسنة الطبع : الطبعة الأولى 1426هـ
الناشر: الفلاح للنشر والتوزيع
عدد الصفحات: 368صفحة من القطاع الوسط


 

الفصل الأول: الفكر والثقافة قراءة مفهومية
يعرف الفكر تعاريف عدة على حسب مرجعيته اللغوية أو المنطقية أو الفلسفية أو التربوية ويعرف الفكر بمعناه الواسع بأنه "عملية بحث عن معنى في الموقف أو الخبرة وقد يكون هذا المعنى ظاهرا حينا وغامضا حينا آخر ويتطلب التوصل إليه تأملا وإمعان نظر في مكونات الموقف أو الخبرة التي يمر بها الفرد" .
أما الثقافة بمعناها الشامل فتعرف بأنها "ذلك النسيج الكلي المعقد من الأفكار والمعتقدات والعادات والتقاليد والاتجاهات والقيم وأساليب سماحة الشيخ علي علي آل موسى حفظه اللهالتفكير والعمل وأنماط السلوك وكل ما يبقى عليه من تجديدات أو ابتكارات أو وسائل في حياة الإنسان مما ينشأ في ظله كل عضو من أعضاء الجماعة ومما ينحدر إلينا من الماضي ونأخذ به كما هو أو نطوره في ضوء ظروف حياتنا وخبراتنا".
وقد اختلف في تحديد المثقف هل هو المؤدب أو صاحب التحصيل العلمي أو المتعلم أو المستهلك أو المنتج للأفكار أو من يكون له وعي الذاتي ودور اجتماعي ( كما يرى علماء التربية(

بين الفكر والثقافة

يعتقد البعض أن الفكر والثقافة مصطلحين متطابقين والحقيقة إنهما مختلفين فالفكر عملية تأملية تستبض العقل بينما الثقافة تكريس عملي ناتج عن وعي ومسؤولية اجتماعية.


الفكر والثقافة في القرآن الكريم
وردت الكثير من الآيات التي تتحدث عن الفكر بمشتقاته أما الثقافة فلم ترد إلا في قوله تعالى: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) بمعنى وجدتوهم.
ولكنها وردت تحت عنوانين آخرين هما البصيرة والتي توازي الثقافة في معناها التربوي والعلم وإن كان العلم أعلى درجة وأكثر قيمة من الثقافة ولكن ما يصدق على المثقف يصدق على العالم بشموليته واتساعه.

الفصل الثاني: ثقافة الإسلام وثقافة المسلمين

الأصيل والدخيل

سعى رسول الله (ص) على إبقاء مصدري الدين نزيهين من كل شائبة فكان يقرأ القرآن للصحابة ويطلب منهم قراءته وكتابته وحفظه وكذلك السنة الشريفة ومع ذلك كله إلا أن الدخيل كان يتحين الفرصة للولوج في الدين إما تأثرا بالجاهلية الجهلاء أو بمن اسلم من اليهود والنصارى كم أسهم المنافقون في ذلك وكان رسول الله لكل ذلك بالمرصاد يصحح أي انحراف يظهر ويبين الحقائق فقد حذرهم من الكذابة وأوصاهم بالتمسك بالكتاب والعترة ومن عوامل التأثر بالدخيل منع تدوين الحديث وإقصاء أهل البيت عليهم السلام ووضع الأحاديث على رسول الله وحركة الترجمة وما أسهمت به من وجود أفكار دخيلة وكذلك الواقع المعاش من خلال التجربة وتجارب الآخرين كما ساهم إغلاق باب الاجتهاد وقصره على أناس معدودين وكذلك عنصر التدوين الذي اختلط بالإسرائيليات والفلسفات والأفكار الدخيلة وصبت مع الأجيال في قالب واحد.
وقد مرت ثقافة المسلمين بثلاث مراحل: مرحلة الفهم ومرحلة التفسير ومرحلة التأويل وهكذا وجد في الواقع الخارجي الدين والفهم الديني وتشكل عندنا فكران فكر الإسلام وفكر المسلمين وثقافة الإسلام وثقافة المسلمين.

وربما توافق ثقافة المسلمين ثقافة الإسلام وتتقاطع معها أو أنها تنفصل عنها وتقاطعها والفروق بين ثقافة الإسلام وثقافة المسلمين هي كالتالي:

 

 ثقافة الإسلام إلهية وثقافة المسلمين بشرية.

 ثقافة الإسلام مقدسة معصومة وثقافة المسلمين مدنسة قابلة للخطأ.

 ثقافة الإسلام ثابتة مطلقة وثقافة المسلمين متغيرة نسبية.

ثقافة الإسلام اسبق زمنا من ثقافة المسلمين.


أسباب التباين بين ثقافة الإسلام وثقافة المسلمين

1- اختلاف الفهم البشري: ويرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب أبرزها:
أ-الاختلاف في فهم النص
ب-العثور على الدليل
ج-اختلاف ملابسات الدليل
د-اختلاف مباني الاستدلال
هـ-اختلاف النصوص
و-البعد عن المنهج الأصلي.

2- البعد عن المنبع الأصلي: وقد ساهم في ذلك مجموعة من العوامل منها :
أ-دور الحكام والسلطات
ب-العرض المشوه للدين من قبل نخبة من العلماء والمثقفين والعباد
ج-الفهم المشوه للدين بسبب الدخيل عليه
د-الإعلام ومحاولة تشويه الدين من الخارج

3 - نتائج البعد عن النبع الأصيل: عندما ابتعد المسلمون عن النبع الإسلامي الأصيل نتج عن ذلك مجموعة من النتائج وهي :
1- الخواء الفكري وعدم إعمال الفكر .
2- التأثر بالثقافات البديلة والتي كانت تتزاحم مع ثقافة الإسلام.
3- تجذر الموروث الفكري من عادات وتقاليد وأنماط .
3- الاستقاءت للثقافات الوافدة كالثقافة اليونانية والفارسية والهندية والتركية .

الفصل الثالث: المسبقات الفكرية وعملية التوظيف:


المسبقات الفكرية هي الأفكار القديمة التي استقرت في الذهن بعد أن تجمعت على شكل أفكار وقناعات وخبرات وتجارب بحيث تشكل نسيجا فكريا يصعب اختراقه وهذا بدوره يوجد نمطين من الناس نمط ينطلق من نسبية أفكاره وكونها من المتغير والمتحرك فيقف أمام الجديد بموضوعية تامة والقسم الأخر يضفي على مسبقاته الفكرية هالة تقديسية بحيث يجعله حاكم على كل جديد حيث يقتنص المؤيد ويرفض المعارض وبذلك يسعى لتوظيف الأفكار في الموارد واستغلالها لصالحه.


مناهج قراءة الغرب

1- المتآمر الأزلي:وهذا المنهج يرى أن الغرب كله شر ولا يخرج منه الا الشر .
2- نهاية التاريخ : وهو من يؤمن أن الغرب هو أفضل صورة ينبغي أن تتبع لان فيها الخير والصلاح .
3- النظرة المتوازنة: وهو من ينظر إلى الغرب بنظرة المتفحص الفارز الذي يخرج مكامن الخلل ومواطن النجاح ليستفيد منها في خياراته وتطبيقاته .

وقد ذكر المؤلف نماذج من توظيف النصوص وطرق توظيفها.

الفصل الرابع: نحو ثقافة حية:

 

الثقافة الحية "هي الثقافة الفاعلة والقادرة على مواكبة الزمن والمكان والتجدد بتجددهما " وهي ذات حراك لصاحبها بينما إذا امتدت إلى ما حوله تبين فيه الحيوية والنشاط فهي ثقافة محيية.
أما الثقافة الميتة فهي ثقافة بلا حراك لا روح منها وأدهى منها الثقافة المميتة التي تتحرك سلبا نحو الدمار والهدم وقد عرض المؤلف بعض الطرق لتشكيل الثقافة الحية ونقدها.

 

مواصفات الثقافة الحية
الثقافة الحية ذات مواصفات خاصة وسمات متميزة أهمها المبدأية أي أنها صاحبة مبدا راسخة قوية منفتحة على كل الأجواء مستوعبة لها شاملة الفكر موضوعية الطرح واضحة عميقة منسجمة ذات حيوية وفاعلية موحدة .
مجتمعاتنا وفشل الاطروحات الثقافية:
عند النظر إلى الاطروحات الثقافية في مجتمعاتنا ندرك ان فشلها ناتج عن عامل أو أكثر من هذه العوامل وهي كالتالي :
1- العداء للدين والهوية
2- الاعتماد على قيم الآخر وتكريس مفاهيمه
3- لغة الخطاب والتي تستبطن مفاهيم لا يدركها اغلب الناس فلا يتفاعلون معها .
4- الاصطدام مع المجتمع وذلك بالنظر إليهم بفوقية متعالية وعدم احترام واقع المجتمع ومقدساته .
5- النظرة المثالية وذلك بوضع نظريات لا تمت للواقع بصلة فلا يمكن تطبيقها على ارض الواقع .
6- التطبيقات الخاطئة للتنظير الجيد وهذه عقبة مرت بها كثير من الأطروحات الثقافية في مجتمعاتنا بسبب فقد الوسائل أو عدم استيعاب النظرية أو سوء فهمها .

الفصل الخامس: الثابت والمتحول:


الثابت: هو العناصر التي لا تتغير ولا تتبدل فهي مطلقة مقدسة تمثل عين الحقيقة.
أما المتحول فهو العناصر المتغيرة مع تغير الزمن تتحرك معه بنسبية قابلة للتدنيس والخطأ.والثقافة الحية هي ثقافة مرنة حركية ترفض الجمود تستوعب الجديد فتعيد صياغته وتشكيله ليتناغم ويتوافق مع مبادئها.


وتنقسم عناصر التشريع الإسلامي إلى قسمين :
1- العناصر الثابتة وهي عناصر مقدسة مطلقة خالدة .
2- العناصر المتحركة وهي عناصر لا يمكن تقديسها لأنها قابلة للتدنيس والخطأ ولا يمكن إطلاقها لأنها متغيرة مع تغير الزمن .

الفقه والعلم والمتحول الزمني:
عندما يطلق القرآن الكريم لفظة الفقه فهي تعني الفهم العميق وهي ترادف مفهوم الثقافة ولكن مفهوم الفقه انكمش فيما بعد وأصبحت لا تطلق إلا على الفقهاء ذهنا وتطبيقا وكذلك العلم فلم يقصد به علم دون آخر ولابد أن يعطي الفقه كل مستجدات الزمن.

الفصل السادس: التعارض بين العقل والنقل:


تشترط الثقافة الحية التناغم مع العقل والعلم وإن كان هناك من اعتبر أن فتح المجال للعقل هو سعي لطمس الوحي كما أن هناك من أعتبر أن الدين طريق العقل والعلم وأنتج ذلك بروز عقليتين مختلفتين تتبنى كل منهما منهجية مباينة عقلية تقدم الموروث وتعطي الحاكمية للنص وتعمل داخله وعقلية تقصر دور الوحي على الغيب وتقصيه عن الحراك الاجتماعي والطبيعة والوجود.
وقد حدد المؤلف المصطلحات(التعارض،العقل, النقل) وبين ورتب الحكم التي قسمها إلى أربع (الوهم، الشك, الظن ,القطع والعلم)

 

ثم حدد مستويات الفهم:
1- الفرضية 2- النظرية 3 - القاعدة 4- المقولة 5- القانون
وقد وضع الفرضية والنظرية تحت مسمى النظرية ووضع القاعدة والمقولة والقانون تحت مسمى الحقيقة .

أنواع التعارض:ينقسم التعارض بين العقل والنقل في حقيقته إلى ثلاثة أقسام وهي :
 -1
التعارض بين القطعيين.
2
- التعارض بين قطعي وظني.
3- التعارض بين الظنيين.


الإجابات التاريخية على التعارض:

1- يمكن التعارض بين العقل القطعي الصريح والنقل القطعي الصحيح وحينذا يقدم العقل وذهب لذلك المعتزلة.
2- يمكن التعارض بين العقل القطعي والنقل القطعي وحينذا ويقدم النقل وذهب لذلك الأشاعرة.
3- لا يمكن التعارض بين العقل القطعي والنقل القطعي وذهب لذلك الشيعة الإمامية .
وهناك من لم يلتفت إلى التنافي التام بين العقل القطعي والنقل القطعي فظنوا أن مطلق الاختلاف تعارض ولو كان جزئي أو بين قطعي وظني أو بين ظنيين أو بصدور حكمين متناقضين لا حكم أحدهما بشيء وسكوت الأخر عنه .

وقد اختلف علماء الأصول في هل يخطئ العقل أم لا ؟
فمنهم من يرى أن العقل معصوم لا يخطئ ومنهم من يرى أن العقل الفطري الخالي من الشوائب والأوهام هو الذي لا يخطئ ومنهم من نزع عنه العصمة ويراه كسائر أدوات الحس يصيب ويخطئ أما بالنسبة للنقل فلا بد من تقسيمه إلى القرآن الكريم والسنة فالقرآن الكريم ورغم إنه قطعي الصدور إلا أن فيه ما هو ظني الدلالة (يحمل أكثر من وجه) وهنا تدخل المفسرون وغيرهم وهي اجتهادات بشرية لا يمكن لا أحد أن يدعي لها العصمة.


أما السنة فقد نقل بعضها بالنص وبعضها بالمعنى ووصل بعض نصوصها كاملا وبعضها مبتورا أو موزعا على الأبواب ومواضيع ووصل بعضها مع قراءته وصياغاته والأخر دونهما كما أن به المتواتر والآحاد وقطعي الصدور والصحيح والحسن والموثوق والضعيف ورواتها الحافظ والمخالط والمدلس والكذاب وقد ساهم تأخير تدوينها في أن طالتها أيدي التحريف والوضع وكل هذه ملابسات محيطة بالنص وعملية التدوين ولا دخل للمعصوم بها.
ولا شك أن الدين أقر العقل وجعله في مكانة شريفة فكل ما حكم به العقل حكم به الشرع ولكن ليس بالضرورة إن كل ما يحكم به الشرع يحكم به العقل لأن الأول أكثر إدراكا وأوسع إلماما.


وان وجد أي تعارض بينهما فهو تعارض ظاهري ليس حقيقيا وكيفية حل هذا التناقض إما بالجمع قدر الامكان فإن لم نتمكن من ذلك فينبغي التوقف والبعض يرى التأويل عند وجود التعارض.

الفصل السابع: التنوع المعرفي وثقافة البعد الواحد:

هناك من يفرق بين المعرفة والعلم بأن الأولى هي كل ما يحصل لدى البشر من فكر وإن لم يكن منسقا ممنهجا بينما العلم هو تراكم المعرفة المنسقة والممنهجة .

وبذلك يكون التنوع العلمي أدق في الإطلاق للاختصاص بينما التنوع المعرفي أدق في التعبير للشمولية على القطعي والغير القطع.

 

سمات ثقافة التنوع:
1- السعة والشمول بحيث لا يقتصر على ثقافة واحدة واتجاه واحد بل ينطلق في شتى المجالات والأفاق .
2- الموضوعية والنزاهة وهي سمة أخلاقية ضرورية لتلافي المركزية المرجعية والحكم على الآخر من خلال الذات
3- المفتاح والحل أي إن الثقافة تبحث عن البدائل النفعية والتي يمكن توظيفها من اجل الجميع .

التنوع الاجتماعي والتنوع المعرفي:
بين التنوع الاجتماعي والتنوع المعرفي علاقة طردية فكلما تنوع المجتمع كلما أسهم في تنوع الثقافة المعرفية كما أن التنوع المعرفي يخلق تعايشا اجتماعيا فاعلا.

أسباب عقلية البعد الواحد:

1- فقر البيئة فعندما تكون البيئة فقيرة ثقافيا فيسودها الجهل وتتطلب عقلية أبنائها في تعاملهم مع الأشياء.
2- انعدام الحوار وذلك بسبب النزعة القطعية عند كل طرف بأنه يملك الحق المطلق .
3- التعامل مع الواقع على أنه كتلة واحدة لا يمكن تجاوزها أو تفكيكها أو البحث عن منافذ يمكن الولوج منها وإصلاح ما يمكن إصلاحه .
4- الميل إلى تبسيط الأمور وتسطيحها بحيث ينطلق التعميم ليختزل منظومة في بضعة أفكار ومفردات .
5- الرؤية النصفية وهي الروية الغير كاملة فالجزء من الشيء لا يعطيه وبالتالي لا يسهل الحكم على الشيء إلا بعد معرفته بتمامه وكماله .
6- الانغلاق على الذات ورفض الانفتاح أيا كانت طرق الترشيح له .
7- القناعات الراسخة والتي تراكمت على مر العصور فأصبحت متوارثة لا تتزحزح وكأنها ثوابت لا يمكن المساس بها وتعود للبيئة الثقافية والاجتماعية .
8- الميول والرغبات والتي جعلت من الإنسان أن يتجه اتجاه معين متجاهلا بقية الاتجاهات والروى .
9- القصور والتقصير في الإطلاع فالإنسان عدو ما يجهل بحيث يظهر ذلك على قيمه وأفكاره وأعماله نتيجة لتخلفه الفكري وقصوره أو تقصيره .

ثم ذكر المؤلف نماذج للثقافات ذات الاتجاه الواحد والتي قامت بفصل عامل والاعتداد به على أنه المصدر الأوحد للظاهرة وصادرت بقية العناصر مما افقدها الموضوعية والشمول وهذه النماذج مصدر المعرفة البشرية ,ومناهج دراسة العقيدة ,ومناهج تفسير حياه المعصومين , ومناهج التفسير ونظريات القيمة وفلسفة التاريخ ومناهج النقد الأدبي .

الفصل الثامن: ثقافة الحياة (الثقافة الغائبة) :

تمثل الثقافة بشقيها الفردي والاجتماعي العمود الفقري الذي يستلهم منه السلوك صيغته العلمية وحركته, والحاجة الثقافية تختلف من مجتمع إلى آخر كل على حسب واقعه وهمومه التي يعيشها والتي تتولد من الخصوصية الذاتية للمجتمع فثقافة الحياة هي الثقافة العملية الميدانية التي تنبسط على شتى مجالات الحياة وتساير حاملها في كل شؤونه.

وسائل الثقافة الحية

1- روح حب الجمال:الجمال شيء نسبي فلكل شيء جماله وعند وضع الأشياء في مكانها يتحقق الجمال وعدم مراعاة ذلك يودي الى الهدم.
2- الموازنة بين عالمي الغيب والشهادة:ينبغي على الإنسان أن يوازن بين عالم الغيب وعالم الشهادة وبين الروح والجسد وبين كل ما هو معنوي و ما هو مادي .
3- مراعاة سلم الأولويات:الأخذ بالاولويات ضرورة ملحة في زمن التزاحم فالاهتمام بالهامشيات والتعويل على معرفتها يفقد الإنسان كثير من المعلومات المهمة والتي لها الأولوية في المعرفة والبناء .
4- التجربة ووعي الزمن: في هذه الحياة يستفيد الإنسان من تجاربه وتجارب من سبقوه ويوظفها فيما يحقق المصلحة ومع مرور الزمن تصبح عند الإنسان ثروة معرفية نتاج التجارب التي اكتسب معرفتها وطبقها على شؤون حياته .

مظاهر ثقافة الحياة

1- التعامل مع أدوات الحضارة:
أنتجت لنا الحضارة والمدنية مجموعة من الأدوات تعتبر غاية التقدم فينبغي توظيف هذه الأدوات فيما يخدم البشرية ويخفف من أعبائها والتزامها ويفتح لها آفاق جديدة نحو التقدم والرفاه .
2- الاستفادة من المحيط:يمثل محيط الإنسان بكل ما يحمله من أوساط اجتماعية وثقافية ومعرفية وقوانين وعادات مجالا حيا للتوظيف والكسب وتحقيق الغايات إذا ما أدير بصورة جيدة ومدروسة .

الفصل التاسع: التبادل الثقافي والغزو الثقافي.


التبادل الثقافي والغزو الثقافي عمليتان متضادتان بحيث لا نستطيع أن نجد ثقافة مهما أدعت لنفسها الأصالة لم تتأثر وتقتبس من غيرها أما في المنهج أو الأفكار أو التصويرات أو الأساليب أو الآليات
وذلك بسبب التجاور الجغرافي أو الثقافي والأسفار والتزاوج ونقل العلوم والحروب والاستعمار وهذا ما يجعلنا نشهد تناوب في الإمساك بدور الراعي والمنتج والمتلقي والمستهلك وبذلك تكون الثقافة أرث تراكمي اشتركت الإنسانية جمعاء في صنعه والتلمذة عليه تصنعه في فترات قوتها وتستقي منه حيث نتزعمه آمة أخرى ولا يشترط لتبادل التأثير صحة الفكر المستقى كما أنه قد يصحب ذلك ظواهر كالاستلاب والاغتراب والاختراق.

بين التبادل والغزو

1- التبادل الثقافي ضرورة حضارية في سبيل إيجاد التلاؤم بين الثقافات بينما الغزو خطر على الأمة المعرضة له.
2- التبادل يرمم ثقافة المجتمع والغزو يجتثها.
3- في التبادل تكسب المجتمعات القيم الايجابية وفي الغزو تأخذ القيم السلبية.
4- في التبادل تختار الأمة ما تحتاجه من ثقافة وفي الغزو تفرض عليها ثقافة معينة.
5- التبادل بين الأمم القوية التي تساهم في إنتاج الثقافات بينما الغزو يكون للأمم الضعيفة.

ضرورات التبادل

1- اكتساب الثقافة:الثقافة ارث مشاع للإنسانية فلم تبنه امة دون أخرى والتبادل ضرورة لتكسب كل امة مما لدى الأخرى .
2- المثاقفة:والمقصود بها التبادل الثقافي لتتفاعل الثقافات وتتنامى وتتطور .
3- التفهم :إن التفهم للآخر وثقافته يمنع الإنسان من الانغلاق الثقافي أو التحامل والاحتراب والنبذ .
4- البدائل والمتغيرات:يساند التبادل الثقافي نظام البدائل وتعدد الخيارات وذلك بنقل التجارب والروى ودراسة إمكانية تطبيقها واختيار الأنسب منها .

خطورة الغزو

تكمن خطورة الغزو في خلخلة هوية الأمة وقيمها وتقويض الأسس والمرتكزات التي يقوم عليها ومن أهم افرازات الغزو:
1- الاغتراب : وهو اغتراب الأمة عن ذاتها واستلابها الإرث الذي ترتكز عليه .
2- التغرب: وهو الارتماء في أحضان الآخر وتبني كل اطروحاته على أنها الحل الامثل الذي ينبغي الإقتداء به .

لمواجهة الاختراق الثقافي المنع أم الممانعة؟

تعتبر وسائل الإعلام سلاح ذو حدين فيه الغث والسمين وأمام هذه القوة المتعاظمة لهذه الوسائل هناك منهجان في التعامل معها:
1-المنع: وهو تحصين الأسرة بحصن خارجي منيع يحول دون وصولهم إلى ثقافة معينة أو وصولها إليهم فتنصب كل العوازل للحيلولة دون التأثير على المجتمع.
2-المناعة:وهي التحصين الداخلي الذاتي والذي يخاطب الوجدان والضمير الحي.

وإن كانت الأسرة والمجتمع بحاجة إلى نسبة معينة في المنع إلا أن المناعة أجدى نفعا وأصوب عملا وذلك للأسباب التالية:
1- المنع أمر خارجي والمناعة أمر ذاتي.
2-المنع يستطيع الإنسان أن يتخلص منه بينما المناعة في الضمير لا يتمكن الفرار منه.
3-المنع يذهب المحاسن والمساوئ بينما المناعة تقاوم المساوئ فقط.
4-المنع ممقوت لمصادرة الحرية الشخصية بينما المناعة محببة لوجود القناعة المتجذرة في النفس والرغبة في التطبيق.
5- صعوبة تطبيق المنع في كل الأوقات والأحوال أم المناعة فسهلة لأنها داخلية تعيش مع الإنسان.
6- يصعب وضع معيار للمقبول والمرفوض فيصعب وضع قانون المنع ولكن في المناعة يسهل تأسيس ذلك المعيار.
7- صعوبة تقسيم استراتيجية المنع وسهولة تقسيم المناعة
8- المنع يخلق رغبة في حب الاستطلاع والرغبة في الممارسة بينما المناعة تفقد الشيء القيمة والأثر ولا تتحرك المطامع نحوه.

كيف نحقق المناعة

1- إنماء الوازع الذاتي:باستحضار الإيمان والتقى والورع وتفعيل محاسبة النفس ونقدها.
2- النضج الفكري:وهو وصول الإنسان إلى مرحلة الإدراك لحقائق الأمور والتمييز بينها ومعرفة اشكالياتها .
3- الرشد الاجتماعي:وهو تلمس الواقع الاجتماعي بروح المسئولية والتحليل وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بإصلاح أي خلل أو انحراف قبل أن يتشكل كظاهرة خطرة على الفرد والمجتمع.
4- توفير البدائل الناجعة:إن توفير البدائل المناسبة من أفضل الطرق لمنع الاختراق والتصدي له .

المزيج والممازجة
تشكل وسائل الأعلام مزيج يحمل الخير والشر والحسن والسيئ وينبغي الفصل بينهما لأخذ ما يناسبنا منها وترك ما لا نتفق معها فيه وليس الأعلام هو الطريق الوحيد للاختراق الثقافي وإنما اخذ كنموذج وربما جاء الاختراق من صديق أو شخصية اجتماعية أو ثقافية مؤثرة .

وقفة انطباعية
(ثقافة الإسلام وثقافة المسلمين ) هو باكورة سلسلة كتب البصائر الثقافية والتي تصدر عن مركز الدراسات والبحوث الإسلامية في حوزة الإمام القائم "عج"العلمية ومؤلفه هو سماحة الشيخ علي علي آل موسى ممن جمع النهجين نهج الدراسات الأكاديمية ونهج الدراسات الحوزوية وأبدع في كليهما مما دل على هضمه لهما بوعي نافذ وذهنية وقادة وقد حمل كتابه هم الإصلاح والتصحيح وبالخصوص في العالم الإسلامي والعربي .
أما الكتاب فهو عبارة عن مجموعة مقالات كتبت في فترات متفاوتة نالت مجلة البصائر نصيب الأسد منها و البقية في مجلة المعرفة.وقد سعى المؤلف إلى تهذيبها وجمعها في هذا الكتاب.


والكتاب بحق رصد رائع ولملمة مدهشة لكل ما يتعلق بموضوع الثقافة وقد أتخم بالاستشهادات والاستطرادات كما دعم بآراء المختصين والمهتمين فكان أطروحة مرجعية رائدة ومع ذلك لم تغب بعض الملاحظات التي ينبغي التنويه بها ومنها :
1- غياب عنصر التنسيق التسلسلي في طرح الفصول وجزئياتها .
2- عدم وضع ملحق للتطبيقات لكل فصل حتى يسترسل القارى بسلاسة مع صلب الموضوع من غير ان تحول التطبيقات دون ذلك .
3- هناك بعض العناصر اختزلت في الطرح فلم تلقى معالجة وافية .

وما بقي لي في الختام إلا أن اشكر سماحة الشيخ على جهده المتميز واختياره الموفق وطرحه الجميل متمنيا له المزيد من التوفيق والسداد وان نرى له شهاب أخر في سماء الإبداع ولبنة أخرى في قلعة التشييد.