ثقافتنا وفن الاعتذار

   قال الله تعالى ﴿ قل لاتعتذروا لن نؤمن لكم صدق الله العلي العظيم من الحقائق  الحكيمة اللافتة  للانتباه في حياتنا والتي أوضحها القران في مجالات عدة والتي أراد من خلالها القران الكريم ان يعطينا ويربينا على فكر وثقافة عالية المضمون بأنه لابد على الإنسان ان ينظر حوله ويستعيد الصور والذكريات الماضية والتي مرت به في مشوار حياته ليفكر بجرأة هل يستطيع حقيقة أن تكون في مواجهة لمن أسأتِ إليه يوماً ما وان تعتذر له وبسهوله !! هل لديك حقيقة الروح القوية لان تعتذر !! هل لديك العقلية العملية  التي تمارس من خلالها هذا السلوك الاجتماعي وبتقبل !! حسب اعتقادك لربما لا ولربما نعم...هذه دعوة للتصالح مع  النفس ومع من حولك حاول أن تهديها الى روحك الطيبة أينما كنت وأينما عشت وأي مستوى تكون فيه وعليه سواء في المستوى الثقافي العالي او على  المستوى من التعنت النفسي والقدرة الفكرية المتصلبة التي وان ترجمت فإنها تترجم على العصبية والتمسك بالرأي الواحد  ...

الاعتذار معنى  له أهميته بين الناس  في صميم العلاقات الإنسانية له خلفيته القيمية  وآدابه الاجتماعية في التعامل الإسلامي، ينفي منك كإنسان الشعور وكفرد اجتماعي الكبرياء والاستعلاء على الآخرين  ، وينفي من عقلك وقلبك الحقد والمقت والبغضاء والكراهية للآخرين ، ويدفع عنك الاعتراض والتراجع بأساليب متعددة من سلوكك مع الناس ، أو إساءة الظن بك او الشك فيك من قبل الآخرين ، وهو فن من الفنون وذوق وأسلوب حضاري راقي إنساني ( كنتم خير أمة أخرجت للناس )  ينعم ويتعامل به من لديه الإحساس بالآخرين أيا كان هذا الطرف رجل امرأة طفل صغير كبير غني فقير متعلم غير متعلم مثقف غير مثقف ومعه يتعلم الكثير من السلوكيات التي تحتوي الكم من العلاقات الاجتماعية والفردية في المجتمع  ومن خلاله  تتوثق العلاقات بين الناس التي لابد ان يراعيها ويسعى للرقي بها والاندماج معها ليشكل ويتشكل من خلالها مايسمى بالاندماج او التفاعل الاجتماعي ...
فالاعتذار هو أسلوب يصل بالإنسان إلى أرقى درجة ومستوى يصل إليه الإنسان من الإدراك الواعي في طريقة التفكير والنضج بتعامل واضح  تتضح صورته  في التواضع التي تصل به إلى عدم المكابرة أو الغرور، لذا فإن البعد عن مستوى الغرور والمكابرة يؤدي إلى العفو والصفح واللين مما يقوى من خلاله العلاقات الإنسانية ويدخل في قلبك مساحة من الرضا والسعادة التي تطري النفس وتجعلها متآلفة مع الغير  ( من أساء إليك ثم جاء يعتذر عن إساءته، عليك قبول معذرته فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته ... وعلامة الكرم التواضع...)

إن التواضع بالعفو من السمات التي يتسم بها الإنسان المدرك للحياة وجوانبها المختلفة باختلاف موازينها في التعامل بين الإطراف البشريةيرى البعض من الأفراد ويؤكد عليه أن غلطتهن الكبرى كانت أنهن يملكن قلوب بيضاء يغفر كل أنواع الإساءات والمغالطات التي يواجهنها مباشرة مع آخرين مختلفين الأفكار والرؤى والاتجاهات التي قد يختلفن معهن في الرؤية وفي التفكير ووجهات النظر المتعددة  التي واردة الاختلاف في جوانب الحياة المختلفة والتي واردة أن الحياة فيها الكم من الاختلافات الموروثة والمكتسبة، وهو ما يشجع الآخرين على التمادي معهم في الخطأ مع ان هناك اختلاف في البيئات والثقافات ...  هذه الرؤية تحمل في مضامينها نوع من التفكير في الانفتاح نحو تحقيق روح التمازج مع إطراف أخرى من خلال الرضا ولكنهن يفاجئن بأساليب مختلفة من الإطراف المواجهة لهن.

فمن الصعب نسيان ما يلحق بنا من أذى وإهانات وتقليل شأن خصوصآ من المقربين لنا ومن ترتبط معهم بعلاقات اجتماعية ، إلا إننا نحاول ان نجاهد انفسنا وعقولنا كي لا نستعيد في ذاكرتنا تفاصيل بعض الأحداث المؤسفة والمؤلمة التي اخترقت صميم حياتنا الوجدانية والعاطفية والعقلية وجعلت بيننا وبين من نتعامل معهم بشكل مباشر نوعا من المواجهة التي قد تصدم الكثيرين ممالابد منه هنا هو الانفتاح وتقبل وجهة النظر الاخرى ( أي نقبل أفكار الآخرين كماهم وليس كما نريد بفكرنا )   ، لأننا نؤمن بأن هذه الرؤية تصفو بها قلوبنا وبأن النسيان والتسامح أفضل دواء للمعاناة وللنفس التي تواجه الكم من المتناقضات في الحياة ، فمن الإيمان بأنفسنا وبما فيها من قدرات وطاقات لامتناهية  نرقى للأمن النفسي ولمواجهة منعطفات الطرق التي نحتاجها في حياتنا مهما كانت صعوبتها ومهما كانت اختلافاتها   ...

لذا فالاعتذار وسيلة وأسلوب للرقي بالنفس الإنسانية نحو علاقات ذات مسؤولية إنسانية عالية  ، فالاعتذار الصادق المعبّر حقيقة عن الإحساس الحقيقي بالخطأ وتدارك التقليل من العقل والشخصية والندم عليه يؤدي إلى روح الألفة والتسامح والمشاركة في الكثير من العلاقات ذات المنعطف الايجابي لحياتنا  ولتتوج علاقات فاعلة  مع الآخرين ...

  • انواع الاعتذار

1)  الاعتذار من الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى بالتوبة ولعل استغفار الانسان لربه وتوبته واقوى دليل روحي في هذا المجال هو قدوتنا للرسول ع في عباداته ومناجاته مع الله سبحانه  ﴿قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ

     2 ) الاعتذار إلى النفس بعدم تقدير الذات في مواضع مختلفة في الحياة مما يؤدي إلى التهميش لذوات الإنسان في كثير من الفعاليات في الأنشطة الحياتية للإنسان نفسه وهذه الرؤية تتضح جلية في أنه لابد أن يمارس التأمل  لنفسه قبل أن ينام ليسأل نفسه ماذا حصل له في يومه؟؟ وماذا كسب ؟؟ وكيف فشل في هذا وذاك ؟؟ وكيف يقيم نفسه فيها !!  ان التعمق في هذا الفهم وهذا الوعي بالنضج في التفكير يؤدي به إلى إصلاح الكثير من شأن حياته.

3 ) الاعتذار إلى إفراد الأسرة وبالذات للوالدين والأقارب من قطيعة رحم وعدم امتثال لأوامرهما قال الله تعالى ( ولاتقل لهما أفٍ ولانتهرهما وقل لهما قولا كريما )

3 )  الاعتذار الى الآخرين من حولك أصدقاء وزملاء وجيران ومعارف من فئات عدة في محيطك الاجتماعية..

  •  ولكي يكون عندك رضا وقناعة الاعتذار لابد ان تتمتع بالتالي :

1. قوة ورجاحة العقل والتفكير الواعي لمثل هذه الايجابيات في التعامل
2. النضج في مستوى التقبل للمواجهة مع التوضيح لفهمك ورؤيتك
3. القدرة على الطلاقة في إلقاء أطروحات الاعتذار بالكلام أو الهدايا كإيحاء للاعتذار
4. الوعي والوازع الديني في محور التفاهم بين الأطراف واحترام الآخرين
5. النضج في قوة الشخصية من غير اعتداد بالقوة والغرور والهيمنة على الرأي وتهميش الرأي الأخرأهمية الاعتذار في حياة الإنسان

  •   الاعتذار له اهميته في جوانب عدة منها :

1 – تقوية العلاقات الاجتماعية
2 – الرقي بالتفكير كوجهة إسلامية ( تعاونوا على البر والتقوى )
3 -  الاعتذار بحذ  ذاته مظهر من مظاهر التعامل الجيد للإنسان وهذا يعتمد على
درجة ثقة الإنسان بنفسه وعدم تبعيته لآخر
4 – الاعتذار يرقي الإنسان ويجعله في مصاف الأفراد ذوي القدرات العالية من ممارسة السلوكيات الواعية والمتفهمة تأثيراته على الإنسان نفسيا واجتماعيا  لاسلوب الاعتذار وطريقته على النفس البشرية تأثيرات مهمة جدا تضفي على حياته نوع من الألفة والاحترام تنطلق من خلال المواقف التالية
• أسلوب وطريقة الاعتذار لها أهمية في صقل الشخصية وخلق سلوك حضاري واعي
• مواجهة الإنسان لنفسه عند الاعتذار تعطيه نوع من القوة والسعادة مما يدفعه إلى أن يكون موضع تقدير واحترام
• طريقة الاعتذار فن من الفنون تطبع على الفرد نوع من الرقي والتهذيب النفسي في حياته وتبعده بالتالي من السلوكيات الغير مرغوبة