بروز تيار سنشيعي..!!

 

في هذه الأيام وقبل غياب شهر صفر المظفر وبروز هلال شهر ربيع الأول نرى مناطحات فكرية بين تيارات مختلفة في المنطقة وكل يدعو إلى فكره على أنه الحق الذي على أصحاب العقول اتباعه وعليهم الحذر كل الحذر من الحياد عنه فهو جادة الطريق..

 فتجد أصحاب الفكر الديني يدعون المجتمع إلى التمسك الرصين بالعقائد الدينة وعدم الحياد عنها لأنها موروث مقدس من قبل الأئمة الأطهار سلام الله عليهم، فكل رواية صحيحة وكل حديث صحيح يجب تطبيقهما لأنهما يمثلان الطريق المستقيم والنهج السوي..

وفي الناحية الأخرى تجد من لايؤمن بهذا الفكر ويراه لايتناسب مع هذا العصرفأكثر ممارساته عبارة عن عادات مكتسبة لا أصل لها في التاريخ بل إن البعض منها مفترى عن الأئمة سلام الله عليهم، ولهذا لابد من ضرورة البحث والتدقيق وتنقيح الروايات التي يعتمد عليها هذا الفكر ومعالجته بإلغاء بعض المبادئ التي يقوم عليها..

والبعض الآخر انتهج النهج المسمى بالنهج الوسطي الذي يضم تحت جناحيه القيم الدينية التي تتناسب مع العصر، ورافضاً كل مابدوره يسبب الريبة والشك ويجعل العيون محدقة تجاهه، فهو _أي هذا التيار_ يريد ان يبرز بالوسطية التي يدعيها والتي بدورها تستهويها قلوب المفكرين وقلوب المتدينين في آن معاً..

من هو الصائب ومن هو الذي يحتاج إلى أن يزيل الغمام عن عينيه؟؟

بين هذا وذاك.. تناطحت الرؤس وتنابز الأتباع وأبدى صاحب كل رأي رأيه أو فلنقل عبر كل عن بعض مواقفه وآرائه، وبقي الحكم للقارئ ولا أريد أن أقول بأن أُجبر القارئ أو الباحث على مادة معينة وأخفيت الأخرى عنه لأن هذ الأسلوب لايُنتهج إلا من قبل الجهات المتسلطة التي يتفق على رفضها الجميع، وإن كان البعض يمارس مثل هذا الدور بوعي أو بدون وعي..

في ظل هذا السجال والاختلاف الفكري الواضح في المنطقة اليوم علينا أن نتعلم معنى الاختلاف لكي لانضع أنفسنا والمجتمع في ساحة الخلاف فليس كل اختلاف هو خلاف كما يقال، فليدلي فلان برأيه وليأتي أخر بفكره وليكون النقاش بين الجميع قائم على الدليل والبرهان لاعلى التعصبات الحزبية ولا المرجعية ولا الفئوية ولا المشروعية واقصد بالمشروعية الاستماتة والدفاع عن الخطأ لإنجاح مشروع معين..

ولتكن ساحاتنا مفتوحة للجميع، فنحن الذين طالما صرخنا وباح صوتنا فلم نجد وسيلة لسماع أصواتنا سوى الجدار الذي يرتد منه الصوت فلماذا نحرم بعضنا من التعبير عن رأيه وفكره!!!

لماذا استخدمنا المقص الذي اسُتخدم علينا، فهل صحيح أنه كما تكونوا يولى عليكم..؟!!

  • الإعلام

عادة في مثل هذه السجالات والاختلافات يكون للإعلام دور رئيس في نشر المادة الإعلامية فيقرر ما إذا كان يريد إظهار المخفي أم إخفاء الظاهر، والإعلام يستطيع أن يبرز المنهزم على أنه فائز والفائز على أنه منهزم، كما شاهدنا في حرب الولايات المتحدة الأمريكية والعراق وكيف كان دور محمد سعيد الصحاف في الحرب..

اذاً تجيير الإعلام لخدمة المصلحة الشخصية لابأس به ولكن أن يكون وفي مجتمع كمجتمعنا إخفاء الحقائق فهو ديدن الإعلاميين الضعفاء الذي يتسلون برؤية افكارهم ورؤاهم مكتوبة على جدران هشة مع علمهم بهشاشتها وخطئها..

فمن الضروري أن يكون في المنطقة إعلام صادق يطبق الشعارات التي يرفعها ويخدم المنطقة لاأن يجير المنطقة والشعارات المدوية لخدمة أهدافه البعيدة عن الشعارت المرفوعة..
فكما قيل بأن هناك من يستغل اسم الحسين لنيل مآربه فهناك أيضاً من يستغل شعار الحقوق والمصلحة العامة وهي نفسها مفردة الإصلاح التي خرج من أجلها الامام الحسين فلنكن إعلاميين شرفاء، حتى يضرب بنا المثل في الإعلام فقد نزفت قلوبنا دماً لما نشاهده ونسمعه من الأخبار الكاذبة والشائعات المزيفة في الإعلام العربي..

  • الخلاف المذهبي مثالاً

في الآونة الأخيرة كثر الوحدويون وهذا ماأفرح الكثير من أبناء المجتمع سنة وشيعة بل كان ثمرة هذا التعاون هو إبراز لبعض الأعمال واللقاءات والحوارات المشتركة التي بدورها تخفف من سعير النيران المشتعلة في خارج حدود البلاد بسبب الضرب على الوتر الطائفي..

ولا أعتقد بوجود تيار في المنطقة يعارض ويقف حاجزا يرفض هذا النوع من التلاقي والتلاحم، فالجميع يعي أن في هذه الظروف تحتاج المنطقة إلى وقفة حقيقية وشجاعة لنبذ الفرقة بين أبناء الوطن الواحد..

ولكن الخطأ الذي حصل أو فلنقل نقطة الخلاف التي نظر لها كل من زاوية أخرى مختلفة هي التنازلات التي قدمها شيعة المنطقة أو فلنقل بعض شيعة المنطقة على طبق من ذهب في مقابل أنهم ضمنوا أنهم سيلقون من يتلقف منهم هذا الصحن الذي بالطبع لن يباع بسعر الذهب بل سيكون سعره "هزة رأس" وقد تردف بكلمة "أحسنتم"!!

  • في الختام

بما أني فرد في هذا المجتمع فلي الحق في أن أبرز رايي إعلاميا لأني أظنه صواباً وفيه الخير للمجتمع  كما يحق لغيري إبراز رأيه كما للآخرين الحق في أن ينتقدونني بانتقادات توجيهية إن ظنوا بأن هذه الأفكار مسمومة تسم المجتمع فكل رأي يحتمل الخطأ والصواب، أما الانتقادات التي تعبر عن العصبية والهمجية والحزبية فعلى أصحابها أن يشربوا كأساً بارداً من الليمون قبل الإدلاء بها لأن لاتوجد أذن يروق لها سماع مثل هذه الانتقادات..

  • عفوا..

نسيت أن أذكر بأن عيني لاترى بزوغ تيار شيعي سلفي فمجتمعاتنا عاشت بسلام طيلة هذه الفترة ولكن التيار الذي طرأ عليها وخل توازنها هو التيار التنازلي "السنشيعي" الذي ارتأى بأن يقدم التنازلات تلو التنازلات لاعتقاده بأنه سيجبر الجرح ويوحد الكلمة, ورجائي أن يجبروا جرحنا ويوحدوا كلمتنا نحن الشيعة في نهاية المطاف قبل أن نتقاتل ونتراشق بالسهام، واتمنى أن تكون عيني مصابة بالحول فلا تيار سلفي شيعي ولا تيار سنشيعي ولاتيار "إنبطاحي" ولا تيار "إنهزامي" وأن نبقى أحبة يجمعنا الدين والوطن لخدمة مجتمعاتنا.