لا أشعر بالحب تجاه زوجي .. فماذا أفعل ؟

شبكة مزن الثقافية

لا أزال في بداية مشوار حياتي الزوجية ، ومشكلتي أنني أشعر بأني لا أحب زوجي على الرغم من أنه في غاية الأخلاق والدراية بأمور دينه . إنني أحاول جاهدة أن أكون طبيعية معه ، وأكتم شعوري نحوه ، كما إنني مترددة في موضوع الحمل والإنجاب خوف الانفصال والعواقب التي تترتب على ذلك . فماذا أفعل ، أرشدوني مأجورين .


حل المشكلة :


  من خلال وصفك للمشكلة ولمشاعرك يتبين أنك على مستوى كبير من الوعي والإدراك ، وإن هذا لعامل مساعد وقوي لحل المشكلة من طرفك ، ومن طرف زوجك هناك عامل مساعد وقوي أيضاً وهو ما وصفتيه به من أنه (غاية في الأخلاق ) و( الدراية في أمور دينه).وهنا مجموعة ملاحظات تتوقف وتبدأ وتنتهي عند قولك هذه العبارة ( لكني أشعر بأنني لا أحبه) .

أولاً : ما من أحد يعيش حياته دون مشاكل والناس في ذلك متفاوتون في مواجهتها وتحديها وطريقة معالجتها ، ولعلنا لو أجرينا مسحاً لمعرفة كيف يواجه الناس مشاكلهم فلن نعدو ثلاثة أصناف :

الأول : المنهزم ، وهو الذي يعجز عن مجابهة المشكلة فيهرب من واقعه ويحسب أنه بهروبه سيحل المشكلة بينما الحقيقة أنه يزيد الطين بلة.

الثاني : غير المهتم وغير المبالي ، وهو الذي يترك الأمور تجري كما هي ، أي انه بليد الإحساس ، ضعيف المشاعر ، والأنكى من ذلك أنه يقنع نفسه دائماً بأنه على صواب وموقفه هو الموقف السليم .

الثالث : هو الواقعي .. الذي يضع المشكلة نصب عينيه ويقلبها ويحللها ويدرسها ويضع الحلول الممكنة ، ثم يناقشها واحداً واحدا، حتى يقف على أفضلها ويمضي في العلاج بترو وأناة .

ومن خلال عرضك ( أيتها الأخت العزيزة) للمشكلة فإنه لمن المؤكد أنك لست منهزمة ولست ممن لا يبالي ولا يهتم ، بل إنك واقعية وقلمك وتعبيراتك تحمل الكثير من الواقعية ، وأظن أن قلبك كبير ويحمل من الحب العميق ما لا يسعه هذا العالم ولكن عليك بالتريث ، لأن عاطفة الحب عاطفة عظيمة وهي من المفاهيم والقيم العظيمة التي قد نقع في خطأ كيفية ممارستها وتطبيقها .

ثانياً : إن ديننا الحنيف كما نظم عبادتنا وجعل لها مواسم كالحج والصيام والصلاة ، وكما نظم معاملاتنا وجعل لها شروطا وواجبات كالبيع والشراء وغيرها ، فإنه نظم مشاعرنا أيضاً وأرشدنا بأن نضع تلك المشاعر والأحاسيس في مواضعها الصحيحة والسليمة فيقول سبحانه وتعالى ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ) 22/المجادلة، فلا يمكن أن يجتمع في قلب المؤمن حب الله و حب من يحادد الله و رسوله .
فالحب ليس مشاعر فارغة سائبة ، و ليس لعبة و تسلية ، و ليس هذر من الكلام نلوكه بألسنتنا ، بل هو قيمة عظيمة و لعظمته أخذ الإسلام يؤكده في واقعنا فالرسول الكريم ( ص ) يقول :- و هل الدين إلا الحب ؟‍
و يقول الباري عز و جل ( و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة ) 20/ الروم ، فالجعل من الله عز وجل و سنجد أن الحب ينمو في ظل العلاقة الشرعية و يتعمق و يتجذر بين الزوجين و لا مجال فيه للعب أو التسلية ، أو المزاح و الضحك .

ثالثاً :- يقول علماء الاجتماع أن هناك مراحل محددة لابد أن يمر الزوجان من خلالها و يجتازاها للوصول إلى الحياة السعيدة ، و أهم تلك المراحل ( مرحلة التعارف ) فالزوجان يظلان لفترة ما بعد الخطوبة أو بعد الزواج كل منهما يسأل نفسه و يبقى هذا التساؤل في العقل الباطن لكل منهما هل أن هذا الزوج هو الشريك المناسب لي في حياتي ؟‍ و هل أحسنت الاختيار أم أسأت ؟ و يا ترى هل ستستمر هذه الشراكة أم سيكتب لها الفشل ؟‍

وللأسف الشديد أن هناك من يستعجل الإجابة على هذه التساؤلات فيقع في الحلال المبغوض عند الله كأسرع حل ، أو يلجأ إلى إشاعة أجواء عدم الارتياح و عدم الانسجام ، و البحث والترصد لأقل خطأ يصدر من الشريك حتى يكيل له اللوم والعتاب ، محملاً إياه كل التعاسة التي هو فيها .

و ينبغي الإشارة هنا إلى أن فترة التعارف أو مرحلة اكتشاف الشريك قد تطول لتصل إلى ثلاث سنوات كحد أقل ، و قد أجرى بعض المختصين دراسة ميدانية في مجتمعات مختلفة فتوصلوا إلى نتيجة أن ثلاث زيجات من أربع تنتهي إلى الانفصال والفشل قبل مرور ثلاث سنوات على الزواج لعدم أخذ الفرصة الكافية لمعرفة شخصية الطرف الآخر .

و الحب الحقيقي ( يا أختنا العزيزة ) هو الذي يعتمد على المعرفة و التجربة و الاكتشاف ، أما الحب الذي يعتمد على الجهل و الوهم و الأحلام فهو حب بلا هدف و بلا مضمون ، و إذا كان كذلك فهو ليس إلا شهوة و نزوة عما قليل ينتهي و يضمحل فالحب كما الجنين لا يكبر وينمو و ينضج إلا إذا مر بمراحله الطبيعية وغذيناه الغذاء المناسب و أنتِ في بداية ( حمل الحب ) وهذا الحمل بحاجة إلى الرعاية والعناية فاسقيه وغذيه بحنانك وعطفك وستجديه بعد حين وقد كبر ونضج تضمينه بين ذراعيك خوفاً من أن يخطفه حب آخر ، وستشكرين الله كثيراً على ما أنت فيه .

رابعاً : يجب علينا أن نفهم ونتعلم من نحب وكيف نحب ، فالحب ليس بضاعة تباع وتشترى وليس كبسولة نشتريها من الصيدلية ، بل هو منظومة من المشاعر والأحاسيس والمواقف والسلوكيات ، تشك بمجموعها نسقاً وطريقاً يحدد سير المشاعر تجاه المحبوب ، ومن خلال ذلك نستطيع أن نفهم حالة الضياع والتيه التي تعيشها بعض الفتيات وكذلك بعض الفتيان أيضاً الذين تأسرهم كلمات الحب الجوفاء العابثة بمشاعر الآخرين تاركة إياهم يتخبطون في الهم الموهوم والغم المصطنع ، لذا فإن العلاقة الشرعية تعتبر رباطاً وثيقا يجب المحافظة عليه من قبل الزوجين وعدم الالتفات إلى أي مؤثرات أخرى قد تقلب الحياة إلى جحيم لا يطاق ، ومما يؤسف له أن البعض قد قلب موازين عاطفة الحب رأساً على عقب فتراه يحسب أن الحب أخذ وتلقٍ ، ويتعامل مع الشريك بمعادلة الربح والخسارة‍ .

والحقيقة التي يجب أن تكون نصب أعيننا أن الحب تضحية وعطاء ، إيثار وسخاء .

أما ما أشرتِ له ( اختنا العزيزة) من تخوفك من إنجاب الأولاد فهو تخوف في غير محله ، بل إن الأولاد هم من أوثق روابط العلاقة الزوجية وسيملؤون عليكما الحياة بالسعادة والهناء .. فاخرجي من هذه الدائرة تماماً وافتحي عينيكِ على الحياة السعيدة القائمة على الحب والرأفة والاحترام المتبادل واسعي لبناء البيت السعيد والأسرة المتناغمة والمتناسقة ، وكلنا أمل في قدرتك ، وثقة بطاقتكِ.

 مع خالص دعائنا لك بالتوفيق .