نجمَةُ الرسالة

بِدُنيا رسولِ اللهِ أشرقتِ كوكبا

        فكُنتِ بهِا نورًا ودِفئًا مُحَبَبا

تَبَسَّمتِ إخلاصًا وأشرقتِ أنجمًا
        يضئن دياجيراً، ويَكشِفنَ غَيهبا

يَتيمًا نما حتى أضأتِ بدربِهِ
        فَكُنتِ لَهُ أُمَّاً وكنتِ لهُ أبا

إذا ما ادلَهمَّ الهَمُّ جاءَ بِمهجَةٍ
        وقلبٍ بهِ الويلاتُ يوجفن موكبا

بِظلِكِ يَنسى كُلَّ همٍّ ولوعةٍ
        إذا قُلتِ: يا مولايَ أهلاً ومرحبا

فَزَمَّلتِهِ حينًا بِعطفٍ ورأفةٍ
        إذا ما غدا للهمِّ والغَمِّ مَلْعَبا

ودَثرتِهِ حينًا بِجَنحيكِ كُلَّما
        على قلبِهِ ويلٌ تَناهى وعذَّبا

وفاضت بكفيهِ لآليكِ أدمُعًا
        فما الحب مِنْ عينيكِ إلاً تَصّبَبا

(خَديجةُ) يا مولايَ تفديكَ رُوحُها
        وإن شئتَ (فالزهرا) وإن شئتَ (زينبا)

    ***    
ألا بالهُدى فاصدَعْ فِداكَ الورى معًا
        وخُذْ هاكَ مِنْ عنديْ السِّلاحَ المذَّهَبا

فلا خيرَ في مالٍ إذا لَمْ نُقِمْ بهِ
        إلى الناسِ إيمانًا وعدلاً ومَذْهَبا

خُذِ المالَ يا سيفَ الهدى يا (محمدٌ)
        فَلا بَلَغَتْ يَمنايَ جاهًا ومَنصبا

(خديجةُ) لو تفنى مِنَ الجوعِ والظما
        ويعلو الهدى فينا فلا مَالَ أو كبا

فلا (الشِعبُ) يُثنيني عنِ الحقِ سيدي
        ولا الشَّعبُ لو راموا سِوى الحَقِ مَطلبا

خُذِ العينَ جَمرًا ضِدَّ مَنْ جارَ واعتدى
        وخُذْ هاكَ زَنديَّ السلاحَ المُجَّرَبا

وقلبيَ بُركانًا على كُلِّ مَنْ عتى
        وأضلاعيَ البَتَارَ والرمحَ والظُبى

    ***    
(خديجةُ) يا صِدقًا بِكُلِّ مقولةٍ
        لِذا قَلبُكِ الأنقى فؤادَ الوفا سَبى

وأحرُفُكِ الْسالتْ على قلبِ (أحمدٍ)
        جَرتْ سَلسبيلاً باردًا بَلْ وأعذَبا

وقَدْ كُنتِ ظِلاًّ باردًا يلتَجيْ لَهُ
        إذا مَا قُريشٌ جَمرُها قدْ تَلهَّبا

تَصبينَّ دَمْعَاتٍ كَنزفِ جراحِهِ
        فَدُرُّكِ مِنْ مَرجانِهِ قدْ تَخَضَّبا

    ***    
بِحقلِ الهدى طُهرًا تضوعتْ النسا
        فكُنتِ بِهِ أحلى الزهورِ وأطيبا

لِذا اختاركِ الباري لأشرفِ خلقِهِ
        فليسَ لَهُ إلاكِ حُبَّاً ومجتبى

فكنتِ له دونَ النساءِ صفيةً
        وحبَّاً وأدنى الناسِ منهُ وأقربا

ورَحمُكِ لَمَّا لَمْ يكُنْ ثانيًا لَهُ
        تَشرَّفَ بالزهراءِ حملاً وأنجبا

تَكَفَّلَ في حِفظِ الهُدى رَبُّنا فلا
        يُداني مَعانيهِ سوى مَنْ تَطيَّبا

و(زهراؤهُ) آيُ الكتابِ وسرُّهُ
        تُصلي بِرحمِ الأمِ ما الفرضُ أوجبا

    ***    
فمَنْ ذا الذي نالَ الكرامةَ والعلى؟
        ومَن كانَ أرجى للمعالي وأطلبا؟

ومَن يُرسلُ الباري إليها تحيةً
        سلامًا وإجلالاً إلى القلبِ أطربا؟

وتأتيكِ أملاكُ السَّما في خُشوعِها
        وتدعو: بِها رَبَّاهُ زِدنا تَقرُّبا

وبُشراكِ مِنْ طه قصورٌ وجنةٌ
        ونهرُكِ من كفيكِ يجري على الربى

فلا زال في ذكراكِ يا أمَّ فاطمٍ
        ولا زِلتِ في دُنياهُ أغلى وأعجبا

وإنْ نالَ منكِ الحاسدونَ وأمعنوا
        سُبابًا رأوهُ غاضبًا ومُقطِبا

    ***    
سلامٌ مِنَ الباري على روحِكِ التي
        تروَّى بها كونٌ وأندى وأعشبا

سلامُ مُحبٍّ ما بدا النجمُ في السما
        وثَغرُ المَدى أهلاً يُغني ومرَّحبا

وتبقينَ يا أمَّ الهدى في تألقٍ
        كما كنتِ نجمًا للرسالة ما خَبا

وينبوعَ عَطفٍ لمْ يزلْ متدفقًا
        فقد كانَ للزهراءِ وِردًا ومَشربا

سلامٌ أيا أمَّ الأئمةِ والهدى
        سلامٌ إذا ما الكونُ غنَّاهُ أطربا

سلامٌ يثيرُ الحبَّ في كلِّ بلدةٍ
        وتحلو بهِ الآفاقُ شرقًا ومغربا

 

 

أديب عبد القادر أبو المكارم
25/9/1432هـ