بحث حول البسملة

تقرير لدروس أ.محمد حسن الشبيب إعداد: السيد غمري هاشم آل رمضان

الأستاذ محمد الشبيب * شبكة مزن الثقافية - مركز القرآن الكريم بأم الحمام ـــ مادة / علوم القرآن التاريخية (أ)

 
ورد في الحديث الشريف( بسم الله الرحمن الرحيم:أقرب إلى الاسم الأعظم من بياض العين إلى سوادها )

  جاء في دعاء السمات المعروف بدعاء الثبور والمروي عن الإمامين الباقر والصادق : (اللهم إني اسألك باسمك العظيم الأعظم الأعز الأجل الأكرم الذي إذا دعيت به على مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت، وإذا دعيت به على مضائق أبواب الأرض للفرج انفرجت، وإذا دعيت به على العسر لليسر تيسرت، وإذا دعيت به على الأموات للنشور انتشرت، وإذا دعيت به على كشف البأساء والضراء انكشفت).

 الأدعية التي ورد في طياتها الإشارة للاسم الأعظم  كثيرة، وورد أن عدد الأسماء الحسنى لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، وأحصى السيد الطباطبائي في تفسيره الميزان أسماء الله الموجودة في القرآن الكريم فوجدها مائة وسبعة وعشرين اسما، ودعاء الجوشن الكبير ورد فيه ألف اسم ، والبعض قال ثلاثة آلاف، والبعض قال أربعة آلاف، الآن تتكلم عن أي اسم أعظم في هذه الأسماء ؟

  • - عشر نقاط سننطلق منها خلال تسلسل البحث:

  • النقطة الأولى: ( خواص الأسماء الحسنى )

نبدأ بسؤال : هل لأسماء الله الحسنى خواص وآثار مختلفة أم لجميعها نفس الأثر ؟
 يعني هل يوجد اسم أفضل من اسم أم كل الأسماء الحسنى متساوية وليس هناك اسم أفضل من اسم ؟ 
وكيف نكتشف تلك الخواص والآثار؟  ومن أين لنا أن نتعرف على تلك الخواص؟      

         
لو لاحظنا المريض في دعائه كي يشافيه الله ماذا يقول وبماذا يدعوا سنجده يقول يا شافي، والمذنب في دعاءه يقول يا غفار يا رحيم، والفقير في دعاءه يقول يا رازق يا مغني يا باسط يا وهاب ولا يقول مثلاً يا قابض أو يا مذل، والمذنب لا يقول يا منتقم أو يا شديد العقاب، بل نجد كل واحد منهم  يتقرب إلى الله باسم خاص من منطلق حاجته الخاصة، من هنا نستكشف إن لكل اسم أثر ولكل اسم خاصية تدعو الله وتسأله بها، والاسم الذي ممكن تدعوا به على كل الأحوال في كل الأحوال هو(يا الله)، فاسم الله له جميع الخواص والآثار الموجودة في بقية الأسماء فهو بلا شك أفضل الأسماء الحسنى . 

  • النقطة الثانية: ( كل اسم فوقه اسم أوسع منه وأكبر وأعظم )

  لو لاحظنا الأسماء التالية (الوهاب – المعطي – الباسط ) سنجد أنها جميعا تدخل تحت اسم الرازق، ولو لاحظنا(الرؤوف – الهادي – الشافي – الرازق ) سنجدها تدخل تحت اسم أوسع منها وهو الرحيم (سميع – بصير- لطيف –خبير – كلها) تدخل تحت اسم أوسع وأعظم منها وهو اسم العليم.
   وتنقسم الصفات إلى صفات الذات وصفات الفعل، إن صفة الفعل يصح نفيها مثلاً تقول (رزق فلان ولم يرزق فلان – خلق هذا الشيء ولم يخلق الشيء الآخر الغير موجود مثلاً-  أعطى فلان ولم يعطي فلان - رحم فلان ولم يرحم فلان)، لكن إذا أتيت إلى الصفات الذاتية مثل ( العلم ) فلا تستطيع أن تقول علم بهذا الشيء ولم يعلم بهذا الشيء وكذلك القدرة والحياة...، الفرق بين الصفة والاسم، الصفة هي معنى من المعاني كالعلم مثلاً ، متى أقول اسم إذا كانت الذات زائد الصفة يعني (زيد وفيه صفة العلم فتقول عالم).

   كل الصفات الفعلية تندرج تحت اسم من الأسماء الذاتية وهو اسم قدير، والصفات الذاتية عليم وقدير يأتي فوقهم اسم الحي، لأن الحي فلسفياً يعرف بالدراك الفعال، مدرك يعني عليم فعال يعني قدير، صار الحي هو أعلى من العليم وأعلى من القدير وصلنا إلى أن هذا الاسم بالنسبة إلى ما تحته أعظم، فالعليم بالنسبة إلى السميع والبصير أعظم، والحي الذي هو مشتمل على العلم والقدرة يعني (الدراك – الفعال) أعظم، فكل اسم فوقه اسم أعظم منه، أعظم أعظم أعظم إلى أن نصل إلى الاسم الذي ليس فوقه اسم أعظم منه وهو الله ( اللهم إني أسئلك باسمك العظيم الأعظم الأعظم الأعظم).

 تقول (الله رحم فلان – الله رزق فلان- الله خلق هذا الشيء) فيصح أن تضع كل اسم صفة لله ولكن لا يصح أن يكون اسم الله صفة لأحد الأسماء، وهذا اللفظ اسم علم لله لا يصح أن يتسمى به أحد أو يتصف به أحد، فتدعو بهذا الاسم في كل الأحوال في الرخاء وفي الشدة وفي المرض، فقيراً كنت أم غنياً.

  • النقطة الثالثة: ( نتيجة البحث اللفظي )

   نصل هنا إلى نتيجة مفادها أنه على مستوى الألفاظ يعني في البحث اللفظي، أن اسم الله بالنسبة للأسماء الحسنى هو اسم أعظم، هذا على مستوى اللفظ، إذن باسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى الاسم الأعظم من بياض العين إلى سوادها لاشتمالها على هذا الاسم.

  • النقطة الرابعة: ( حقيقة الاسم الأعظم )

سؤال: هل الاسم اللفظي هو المؤثر أم الحقيقة هي المؤثرة ؟

 في الحقيقة إن لفظ الله يقولون عنه بأنه اسم الاسم الأعظم، ليس هو الاسم الأعظم.

إذن ما هو الاسم الأعظم ؟

 نحن نعلم بأنه لا مؤثر في الوجود إلا الله سبحانه وتعالى، ذات الله سبحانه وتعالى وحقيقته هي المؤثرة أم اسمه هو المؤثر، بلا شك أن الله سبحانه وتعالى بحقيقته هو المؤثر، قاعدة كلامية فلسفية دينية عقائدية (لا مؤثر في الكون إلا الله سبحانه وتعالى)
فهناك فرق بين الذات والاسم، فرق بين الاسم والمسمى: 

يروي الشيخ الكليني في الكافي الشريف عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله  عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ قال: فقال لي: يا هشام الله مشتق من إله والاله يقتضي مألوها والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد أفهمت يا هشام؟ قال: فقلتُ: زدني. قال: إن لله تسعة وتسعين اسماً فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلهاً، ولكن الله معنى يُدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره. يا هشام، الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب، والثوب اسم للملبوس، والنار اسم للمحرق. أفهمت يا هشام فهماً تدفع به وتناضل به أعداءنا والمتخذين مع الله عز وجل غيره؟ قلت: نعم. قال: فقال: نفعك الله به وثبتك يا هشام. قال هشام: فوالله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا..
فالأثر الخارجي يترتب على الاسم التكويني لا اللفظي.

  • النقطة الخامسة: (عالم الإمكان وتجليات الاسم الأعظم )

هل هناك مظهر للاسم الأعظم في عالم الإمكان؟
 الله سبحانه وتعالى وهو واجب الوجود خلق هذا الكون الفسيح في أبدع صورة ممكنة ( فليس بالإمكان أبدع مما كان )، ولأن معرفة الله المطلقة مستحيلة لأنه لا محدود وكل ما عداه محدود  فقد أوجد سبحانه موجودات تكون مظهراً لأسمائه الحسنى من ملائكته وأنبيائه وأوليائه الذين انتجبهم واصطفاهم، تتعرف أنت من خلالها على الله سبحانه وتعالى. 

  قال تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت الموكل بكم ...(11) سورة السجدة، ملك الموت مظهر لاسم من أسماء الله الحسنى وهو المميت، وتسأل: أوليس الله هو المميت أم ملك الموت، الله هو المميت قطعاً ولكنه أيضا أعطى ملك الموت القدرة على أن يتوفى الأنفس فأصبح ملك الموت أيضا مميت لكن لا على نحو الاستقلال بل بما وهبه الله ومنحه.

 قال تعالى (... أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير ...(49) سورة آل عمران، نبي الله     عيسى ع مظهر لاسم الخالق، إذن هذه الأسماء الحسنى تجلت في بعض الذوات فصار مظهرا ليعض الاسماء.

  • النقطة السادسة: ( ما الفرق بين الولاية التكوينية والدعاء ؟ )

  بمعنى: من يمتلك الاسم الأعظم هل يدعو الله لأن يفعل الله هذا الشيء أو هو يفعل ذلك الشيء مباشرة؟
   قال تعالى ( وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحي الموتى قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم(260) سورة البقرة، نبي الله إبراهيم ع يدعو الله أن هذه الطيور تعود للحياة  أو يدعوهم هو مباشرة؟ 

خليل الرحمن يعلم أن الله يحيى الموتى ولكنه يريد أن يتصرف وأن يتصف بصفة الإحياء وتكون له تلك القدرة والمرتبة العظيمة يسأل ربه أن يكون محيي كما أن الله يحيي الموتى.

  الصفات التي يتصف بها أنبياء الله إبراهيم وسليمان عيسى   هذه كلها مظاهر للأسماء الحسنى  كلما ترقى الأنبياء ع أرادوا الاستزادة في مراتب الكمال بأن يكونوا هم بذواتهم الشريفة مظاهر لهذه الأسماء الإلهية، فالاسم الأعظم ليس مجرد الفاظ وحروف وإنما يحكي حالة الانقطاع التام لله سبحانه وتعالى، وقد جاء رجل يسأل النبي أن يعلمه الاسم الأعظم فقال له النبي ص كل أسماء الله عظيمة ولكن فرغ قلبك عما سواه، وقد ورد أن لله تسعاً وتسعون اسماً من تخلق بها دخل الجنة.

 هذه هي الولاية التكوينية وهي القدرة على التصرف في موجودات الكون لا على نحو الاستقلال عن الله، والتصرف في الأمور الكونية التي تتجاوز القدرة العادية في التعامل مع نواميس الطبيعة كإحياء الموتى ورد الشمس وفلق البحر وشق القمر. وعرفت أيضا بأنها تصرف موجود في موجود لتسلطه وقدرته عليه.

  • النقطة السابعة: ( مظهر الاسم الأعظم ) 

   ورد في الرواية المعتبرة عن الصادق   إن الاسم الأعظم يتكون من ثلاثة وسبعين حرفا وكان عند آصف بن برخيا  حرف واحد فقبض بيده على عرش بلقيس وخسف الله الأرض بين اليمن وفلسطين وأحضره في طرفة عين عند سليمان ع، ، يعني أن آصف صار يمتلك هذا الأثر وهذا المظهر، عند هذا الولي حرف وعند هذا النبي حرفان وعند ذلك ستة وعند الآخر عشرون حرفاً.

سؤال هل هناك موجود أشرف تجلت فيه جميع أسماء الله الحسنى  وكان مظهراً للاسم الأعظم بما يتوافق مع عالم الإمكان ؟
نستكشف ذلك من خلال الأحاديث التالية: 

روى الشيخ الكليني في الكافي الشريف :عن أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: إن الله كان إذ لا كان، فخلق الكان والمكان وخلق نور الأنوار الذي نورت منه الأنوار، وأجرى فيه من نور الذي نورت منه الأنوار، وهو النور الذي خلق منه محمدا وعليا، فلم يزالا نورين أولين إذ لا شئ كون قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الأصلاب الطاهرة حتى افترقا في أطهر طاهرين في عبد الله وأبي طالب.

قال الشيخ المجلسي (إذ لا كان) يعني لم يكن شئ من الممكنات، وكأنه مصدر بمعنى الكائن كالقيل والقال، ولعل المراد بنور الأنوار أولا نور النبي صلى الله عليه وآله إذ هو منور أرواح الخلائق بالعلوم والكمالات والهدايات والمعارف، بل سبب لوجود الموجودات وعلة غائية لها.

وروى الشيخ الكليني أيضاً عن أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن جابر بن يزيد، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمدا وعترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي الله. قلت: وما الأشباح؟ قال: ظل النور، أبدان نورانية بلا أرواح، وكان مؤيدا بنور واحد وهي روح القدس ، فبه كان يعبد الله.

ومن خلال حديث جابر عندما حدثه النبي عن أول ما خلق الله يمكن الوصول إلى مفتاح يجيب عن السؤال(أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ثم خلق منه كل خير)، لا يصل فيض ورحمة لعالم الوجود الإمكاني من غير وساطة النبي الأكرم محمد ص، حتى على الأئمة ع إلا من خلال النبي الخاتم ص. 
ومنه صدر كل خير ففتق منه نور علي عليه السلام فكان نوري محيطا بالعظمة ونور علي محيطا بالقدرة، ثم خلق العرش واللوح والشمس وضوء النهار ونور الابصار والعقل والمعرفة وأبصار العباد وأسماعهم وقلوبهم من نوري ونوري مشتق من نوره.

فنحن الأولون ونحن الآخرون ونحن السابقون ونحن المسبحون ونحن الشافعون ونحن كلمة الله، ونحن خاصة الله، ونحن أحباء الله، ونحن وجه الله، ونحن جنب الله و نحن يمين الله ونحن أمناء الله، ونحن خزنة وحي الله وسدنة (2) غيب الله ونحن معدن التنزيل وورد أيضاً ( ثم قسم ذلك النور إلى نصفين فخلق من النصف الأول الكرسي وخلق من النصف الآخر الملائكة)، ولهذا تقرأ في الرواية أول صادر أول نور أول ما خلق الله العقل، هو العقل الأول والصادر الأول والفيض الأول والنور الأول هو الوجود من عالم الأنوار، قال تعالى ( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين(31) سورة البقرة، يعني الوجودات العاقلة قبل آدم  ، هذه الأنوار موجودة قبل أربعة آلاف عام، الملائكة لا تعرف هذه الأسماء اطلعها على آدم ع وأنهم من ذرية آدم  ، هو الأول في الصدور والخاتم في البعث، يعني له كل المقامات في قوسي الصعود والنزول.

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن عيسى ابن مريم عليه السلام أعطي حرفين كان يعمل بهما وأعطي موسى أربعة أحرف، وأعطي إبراهيم ثمانية أحرف، وأعطي نوح خمسة عشر حرفا، وأعطي آدم خمسه وعشرين حرفا، وإن الله تعالى جمع ذلك كله لمحمد صلى الله عليه وآله وإن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا، أعطى محمدا صلى الله عليه وآله اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرف واحد.

من هنا يتبين أن مظهر الاسم الأعظم في عالم الملكوت هو نور النبي ص ونور أهل بيته عليهم السلام، أما في عالم الملك والمادة فيتمثل بالوجود البشري للنبي وأهل بيته .

  • النقطة الثامنة: ( نتيجة الأقسام الثلاثة الوجود الحرفي والوجود الإمكاني والوجود الواجبي ) 

سؤال: لفظ الله هو الاسم الأعظم أم الحقيقة الإلهية هي الاسم الأعظم أم النبي محمد ص هو الاسم الأعظم ؟

   تبين أن ( اسم الله ) هو الاسم الأعظم على المستوى اللفظي يعني الحروف والأسماء، أما الاسم الأعظم على مستوى الوجود فهو الحقيقية الإلهية والذات الإلهية فلا مؤثر في الوجود غير الله سبحانه وتعالى، أما الأنبياء والأوصياء فهم مظاهر للأسماء الحسنى تجلت فيهم القدرة والتصرف كل بحسب سعته وقابليته ورتبته إلى أن تصل الرتبة إلى الخاتم ص فقد أعطاه الله اثنين وسبعين حرفاً من الاسم الأعظم وهو أرضى الرسل بأبي هو وأمي.

فما الكليم وما العصا وما الحجر   وهو بســبابته شق القمر 
في كفـه تسبح الحصــــــــاة      فهي لكل ممــكن حيـــاة

وقد ورث أئمة أهل البيت  تلك الصفات وذلك الانقطاع التام لخالقهم سبحانه وتعالى، يأتي إلى الإمام الرضاأحدهم ويسأله فيقول ( إن سليمان ابن داوود علم منطق الطير فهل تعلمون أنتم منطق الطير) فيجيب الإمام بجواب شافٍ قاطع فيه مئات الأجوبة لمئات بل ألوف الأسئلة، (قال: بنا علم ابن داوود منطق الطير) ويأتي إلى الإمام الجواد أحدهم ويسأل (إن من شيعتكم يغالي فيكم، فيزعم أنك تعلم كم قطرة ماء في نهر دجلة والفرات، فيقول له الإمام: هل يستطيع ربك أن يعطي هذا العلم ( عدد قطرات ماء دجلة والفرات ) إلى بعوضة، قال: الله على كل شيء قدير، فيقول له الإمام : فأنا أكرم على الله من بعوضة) هؤلاء هم ورثة النبي الحقيقيون، يرى أبا حنيفة الإمام الصادق   يمشي بالعصا فيقول له بعدك في سن الشباب يا أبا عبدالله فلماذا تمشي بالعصا فيقول له عصا رسول الله ص أحببت أن أتبرك بها، فينكب على تقبيلها، فيكشف الإمام عن ذراعه ويقول هذا لحم ودم رسول الله وعظمه ودمه، فقبلها فهي أولى العصا، فيستنكف أبا حنيفة عن ذلك، هو أعطاهم وهو منحهم هم باب الله وهم وجه الله فلماذا تستكثر عليهم ذلك ؟

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54( سورة النساء.

  • النقطة التاسعة: ( هل يمكن أن يكون هناك مظهر تام للاسم الأعظم في عالم الإمكان )

أعطى الله نبيه الخاتم 72 حرفاً واستأثر هو سبحانه وتعالى بحرف واحد من الثلاثة وسبعين،   لا يخرج منه إلا إليه، هذا الحرف المستأثر يمثل حيثية عدم التناهي في الكمالات الإلهية التي    لا يمكن أن يكون بإزائها مظهر أو علامة فإن مظهرية الأسماء إنما تكون بقدر السعة الوجودية للموجود الإمكاني وهي مهما بلغت فهي محدودة فيلزم من ذلك عدم إمكان أن يكون مظهراً للامتناهي وفي رواية الكافي ( فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الناس إليها وحجب واحداً وهو الاسم المكنون المخزون) فالوحدانية المطلقة غير المحدودة بحد أو كما يعبر السيد الطباطبائي في البداية( فإن أردت أن تجعل له حداً فحده أن لا حد له ) ومن هنا لا يمكن أن يكون مظهراً تاماً للاسم الأعظم في عالم الإمكان لأنه محدود ولا يمكن أن يحيط باللامحدود، وإنما يمكن أن يكون مظهراً على مقدار سعته الوجودية.

  يعني اجعلوا لنا رباً وقولوا فينا ما شئتم، (إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم) و ( إياب الناس إليكم وحسابهم عليكم).
 (قل اني لا أعلم الغيب) باستقلال يعني من دون الله هذا معنى اجعلوا لنا خالقاَ ثم قولوا فينا ما شئت، نعم نعلم كل شيء ونتصرف ولكن ليس بذاتنا بل به سبحانه وتعالى هو أعطانا.

سادة لا تريد إلا رضى الله      كما لا يريد الله إلا رضاها
لم يكونوا للعرش إلا كنوزاً       خافيات سبحان من أبداها
قلب الخافقين ظهرا لبطن        فرأى ذات أحمد فاجتباها 
ما تناهت عوالم العلم إلا        وإلى ذات أحمــــد منتهاها
داس ذاك البساط منه برجل       نيرا كل سؤدد نعلاها
لا تجل في صفات أحمد فكراً   فهي الصورة التي لن تراها  – الشيخ كاظم الأزري.

  • النقطة العاشرة: ( الاسم الأعظم وانكشاف عالم الملكوت)

 كما بينا فإن الاسم الأعظم الذي تترتب عليه الآثار ليس ألفاظاً وحروفاً فقط إنما هو يحكي حالة الانقطاع التام للخالق جل وعلى، بأن يصل الإنسان باتصاله وقربه إلى مرحلة اليقين.

  قال تعالى (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين(75) سورة الأنعام، ( وليكون من الموقنين) هذا شرط بلوغ درجة اليقين أن ينكشف له عالم الملكوت، قال الإمام علي   ( لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً ) أي أنه بلغ اليقين وانكشف له عالم الملكوت والمقصود به عالم الغيب بحيث أنه لو انكشف له الغطاء وذاك كناية عن الموت، قال تعالى ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد(22) سورة ق، ينكشف لك عالم الملكوت بعد الموت فتعتريك حالة الفزع حين ترى الملائكة والجن وكل شيء كان محجوباً عنك، أما الإمام  حين ينتقل إلى ذلك العالم لا يتغير عليه شيء، هو يعيش تلك الحالة، بل منكشف له ذلك العالم بأكمله.

 

  • ذيل :

في التفسير العلمي إلى الاسم الأعظم بأنه الشفرات العلمية في الكون فلكل شيء شفرة، مركز معلومات الكون هو العرش قال تعالى ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم(255) سورة البقرة.

  ومركز معلومات العرش هو ( أم الكتاب ) ( يمحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (39 سورة الرعد) . 

قال تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية(17) سورة الحاقة، أربعة من الأولين من أولي العزم وأربعة من الآخرين وهم الرجال من أصحاب الكساء (محمد وعلي والحسن والحسين ) يعني علم الله عند هؤلاء هم بالعلم الذي وهبه لهم يتصرفون في هذا الكون، ومن هنا نصل إلى أن آل محمد لا يقاس بهم أحد، ثم نأتي إلى مقام قوله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ...(32) سورة فاطر، وقال تعالى )إنه لقرآن كريم (77) في كتاب مكنون(78) سورة الواقعة، ينكشف الكتاب المكنون إلى قلب المعصوم، فيصبح قلب المعصوم هو مرآة صافية للكتاب المكنون فيرى الحقيقة كما يرى الرقيقة، وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِـتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِـيمٌ (4) سورة الزخرف) وكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ (12 (  سورة يس .

هم ورثة الكتاب وهم الإمام المبين وليس زيد ولا عمر، أنت تكلم أحدهم عن آل محمد ع، وهو يقول لك قال فلان وهذا تأويل فلان، انظر إلى تعبير الإمام الصادق   ماذا يقول لأبي حنيفة (ما أورثك الله من كتابه حرفاً )، ويسأل قتادة ماذا تقول في قوله تعالى (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم(8) سورة التكاثر، ما هو النعيم يا قتادة قال: التمر والماء البارد، فيقول له الإمام  إن الله أكرم من أن ينعم عليك بهذه النعمة ثم يسألك عن كل تمرة وكل شربة، قال: فما هو يا ابن رسول الله قال: النعيم هو: ولاية محمد وآل محمد. وهي النعمة الكبرى،  قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ، وبالولاية كمل الدين وتمت النعمة ،يدخل عبيد الله ابن عبدالله الدهقان على أبي الحسن الرضا   (ما معنى فذكر اسم ربه فصلى يقول: إذا ذكر اسم الله سبحانه وتعالى يقوم يصلي قال إذن كلف الله شططا، قال فكيف هو يا ابن رسول الله قال: إذا ذكر الله صلى على محمد وآل محمد ) يوجهوهم نحو الأئمة وولاية محمد ص وآل البيت ع والتزام خطهم والابتعاد عن مناهج الشرق والغرب.   

14/09/1440 هـ
عضو اللجنة الإشرافية بمركز القرآن الكريم بأم الحمام